سورة الروم ـ أو إشارة إلى البناء العظيم للأقوام السابقين في قلب الجبال والسهول.
ومع هذه القوّة والعظمة التي كانوا يتمتعون بها ، فإنّهم لم يستطيعوا مواجهة العذاب الإلهي : (فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
الآية التي بعدها تنتقل للحديث عن تعاملهم مع الأنبياء ومعاجز الرسل البيّنة ، حيث يقول تعالى : (فَلَمَّا جَاءَتْهمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ). أي إنّهم فرحوا بما عندهم من المعلومات والأخبار ، وصرفوا وجوههم عن الأنبياء وأدلتهم. وكان هذا الأمر سبباً لأن ينزل بهم العذاب الالهي : (وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ).
والمقصود من العلم الذي كان عندهم ، هو اعتماد البشر على ما لديهم ، واستعلاءهم بهذه «المعرفة» على دعوات الرسل ومعاجز الأنبياء ، بل واندفع هؤلاء حتى إلى السخرية بالوحي والمعارف السماوية.
لكنّ القرآن الكريم يذكر مآل غرور هؤلاء وعلوّهم وتكبّرهم إزاء آيات الله ، حينما يقول : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُواءَامَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ ووَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ).
ثم تأتي النتيجة سريعاً في قوله تعالى : (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا).
لماذا؟ لأنّه عند نزول «الإستئصال» تغلق أبواب التوبة.
وهذا الحكم لا يختص بقوم دون غيرهم ، بل هو : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ).
ثم تنتهي الآية بقوله تعالى : (وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ).
ففي ذلك اليوم عندما ينزل العذاب بساحتهم ، سيفهم هؤلاء بأنّ رصيدهم في الحياة الدنيا لم يكن سوى الغرور والظنون والأوهام.
وهكذا تنتهي السورة المباركة (غافر) التي بدأت بوصف حال الكافرين المغرورين ، ببيان نهاية هؤلاء وما آل إليه مصيرهم من العذاب والخسران.
|
«نهاية تفسير سورة غافر» |
* * *