«العريض» : مقابل الطويل ، ويستخدم العرب هاتين الكلمتين للدلالة على الزيادة والكثرة.
إنّ الإنسان الذي يفتقد الإيمان والتقوى يكون عرضة لمثل هذه الحالات ، فهو مع إقبال النعم مغرور ناسٍ لله ، وإذا أدبرت عنه فقنوط يائس كثير الجزع.
وفي الجانب المقابل نرى أنّ رجال الحق وأتباع الأنبياء والرسل لا يتغيّرون إذا أقبلت عليهم النعم ، ولا يهنون أو ييأسون أو يجزعون عند إدبارها.
الآية الأخيرة تتضمن الخطاب الأخير لهؤلاء ، وتبيّن لهم ـ بوضوح ـ الأصل العقلي المعروف بدفع الضرر المحتمل ، حيث تخاطب النبي صلىاللهعليهوآله فتقول : (قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ).
إنّه نفس الاسلوب الذي نقرأ عنه في محاججة أئمة المسلمين لأمثال هؤلاء الأفراد ، كما نرى ذلك واضحاً في الحادثة التي ينقلها العلّامة الكليني رحمهالله في الكافي حيث يذكر فيه الحوار الذي دار بين الإمام الصادق عليهالسلام وابن أبي العوجاء.
فمن المعروف أنّ عبد الكريم بن أبي العوجاء كان من ملاحدة عصره ودهرييه ، وقد حضر الموسم الحج أكثر من مرّة والتقى مع الإمام الصادق عليهالسلام في مجالس حوار ، انتهت إلى رجوع بعض أصحابه عنه إلى الإسلام ، ولكن ابن أبي العوجاء لم يسلم ، وقد صرّح الإمام عليهالسلام بأنّ سبب ذلك : «هو أعمى من ذلك لا يسلم».
والحادثة موضع الشاهد هنا ، هي أنّ الإمام بضُر بابن أبي العوجاء في الموسم فقال له : «ما جاء بك إلى هذا الموضع؟ فقال : عادة الجسد ، وسنّة البلد ولننظر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة؟ فقال له عليهالسلام : «أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم (١). فذهب يتكلم فقال له عليهالسلام : «لا جدال في الحج. ونفض ردائه من يده وقال : «إن يكن الأمر كما تقول وليس كما تقول نجونا ونجوت وإن يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول نجونا وهلكت».
فأقبل عبد الكريم على من معه فقال : وجدت في قلبي حزازة (ألم) فردّوني ، فردّوه فمات.
__________________
(١) يناديه الإمام بهذا الاسم ، وهو اسمه الحقيقي مع كونه منكراً لله لكي يشعره مهانة ما هو عليه وهذا اسمه.