النبي صلىاللهعليهوآله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبّى). فهو الذي يتصف بهذه الأوصاف الكمالية ولهذا السبب : (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ). أي : أعود إليه في المشكلات والشدائد والزلات.
الآية التي تليها يمكن أن تكون دليلاً خامساً على ولاية الله المطلقة ، أو دليلاً على ربوبيته ، واستحقاقه دون غيره للتوكل والإنابة ، إذ تقول : (فَاطِرُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
«فاطر» : من مادة «فطر» وتعني في الأصل فتق شيء ما ، وكأنّما الآية تشير إلى تفتق ستار العدم المظلم عند خلق الكائنات وخروج الموجودات منه.
والمقصود بالسماوات والأرض هنا جميع السماوات والأرض وما فيها من كائنات وما بينها ، لأنّ الخالقية تشملها جميعاً.
ثم تشير الآية إلى وصف آخر من أفعاله تعالى فتقول : (جَعَلَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ).
إنّ الزواج يعتبر أساساً لراحة الروح وسكون النفس ، ومن جانب آخر يعتبر الزواج أساساً لبقاء النسل واستمراره ، وتكاثره.
الصفة الثالثة التي تذكرها الآية هو قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ).
إنّ هذا الجزء من الآية يتضمّن حقيقة أساسية في معرفة صفات الله الاخرى ، وبدونها لا يمكن التوصّل إلى أيّ صفة من صفات الله ، لأنّ أكبر منزلق يواجه السائرين في طريق معرفة الله يتمثل في «التشبيه» حيث يشبّهون الخالق جلّ وعلا بصفات مخلوقاته ، وهو أمر يؤدّي للسقوط في وادي الشرك.
إنّ وجود الله تعالى ليس له نهاية ولا يحدّ بحدّ ، وكل شيء غيره له نهاية وحدّ من حيث القدر والعمر والعلم والحياة والإرادة والفعل ... ؛ وفي كل شيء.
وهذا هو خط تنزيه الخالق من نقائص الممكنات.
تشير نهاية الآية إلى صفات اخرى من صفات الله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
هو الخالق والمدبّر ، والسميع والبصير ، وفي نفس الوقت ليس له شبيه أو نظير أو مثيل.
الآية التي بعدها تتحدث عن ثلاثة أقسام اخرى من صفات الفعل والذات حيث توضّح كل واحدة منها قضية الولاية والربوبية في بعدٍ خاص. يقول تعالى : (لَهُ مَقَالِيدُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
فكل ما يملكه مالك هو منه سبحانه وتعالى ، وكل ما يرغب به راغب ينبغي أن يطلبه