وأيضاً : (وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى).
وبهذا الشكل فما كان موجوداً في شرائع جميع الأنبياء موجود في شريعتك أيضاً.
لذا ، وكتعليمات عامّة لجميع الأنبياء العظام ، تقول الآية في الجملة الاخرى : (أَنْ أَقِيمُوا الدّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).
وبعد ذلك تقول : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ).
فلقد تطبّع هؤلاء على الشرك وعبادة الأصنام بسبب الجهل والتعصّب لسنين طويلة ، وعشعش ذلك في أعماقهم بحيث أصبحت الدعوة إلى التوحيد تخيفهم وتوحشهم.
وكما أنّ انتخاب الأنبياء بيد الخالق ، كذلك فإنّ هداية الناس بيده أيضاً : (اللهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ).
لقد أشارت هذه الآية إلى خمسة من الأنبياء الإلهيين فقط (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد عليهمالسلام) لأنّ هؤلاء الخمسة هم الأنبياء اولوا العزم ، أي أصحاب الدين والشرائع ، وفي الحقيقة فإنّ الآية تشير إلى انحصار الشريعة بهؤلاء الخمسة من الأنبياء.
وبما أنّ أحد أركان دعوة الأنبياء من اولى العزم هو عدم التفرّق في الدين ، فقد كانوا يدعون لذلك حتماً ، لذا فقد يطرح هذا السؤال : ما هو أساس كل هذه الاختلافات المذهبية؟
وقد أجابت الآية الاخرى على هذا السؤال وذكرت أساس الاختلافات الدينية بأنّه : (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ).
وبهذا الترتيب فإنّ أساس التفرّق في الدين لم يكن الجهل ، بل كان الظلم والبغي والانحراف عن الحق ، والأهواء والآراء الشخصية.
«فالعلماء الذين يطلبون الدنيا» و «الحاقدون من الناس والمتعصبون» إتحدوا معاً لزرع هذه الاختلافات.
وتعتبر هذه الآية ردّاً واضحاً على الذين يقولون بأنّ الدين أوجد الاختلاف بين البشر ، وأدّى إلى إراقة دماء كثيرة على مدى التاريخ.
ثم يضيف القرآن الكريم : (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِىَ بَيْنَهُمْ). حيث يهلك أتباع الباطل وينصر أتباع الحق.
فالدنيا هي محل الاختبار والتربية والتكامل ، ولا يحصل هذا بدون حرية العمل ، وهذا