إنّ استخدام عبارة (يهب) تعتبر دليلاً واضحاً على أنّ الإناث والذكور من هدايا الخالق وهباته ، وليس صحيحاً للمسلم الحقيقي التفريق بين الإثنين.
كما أنّ استخدام عبارة (يزوّجهم) لا تعني التزويج هنا ، بل تعني جمع الهبتين (الإناث والذكور) لبعض الناس. وبعبارة اخرى : فإنّ مصطلح (التزويج) يأتي أحياناً بمعنى الجمع بين الأشياء المختلفة أو الأنواع المتعددة ، لأنّ (زوج) تعني في الأصل شيئين أو شخصين متقارنين.
وعلى أيّة حال ، فإنّ المشيئة الإلهية هي التي تتحكم في كل شيء وليس في قضية ولادة الأبناء فحسب ، فهو القادر والعليم والحكيم ، حيث يقترن علمه بقدرته ، لذا فإنّ الآية تقول في نهايتها : (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٥١)
سبب النّزول
في تفسير القرطبي : إنّ اليهود قالوا للنبي صلىاللهعليهوآله : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلمه موسى ونظر إليه ، فإنّا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «إنّ موسى لن ينظر إليه». فنزل قوله (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللهُ) الآية.
التّفسير
طرق ارتباط الأنبياء بالخالق : هذه السورة ، كما قلنا في بدايتها ، تهتم بشكل خاص بقضية الوحي والنبوّة ، فهي تبدأ بالوحي وتنتهي به ، لأنّ الآيات الأخيرة تتحدث عن هذا الموضوع (أي الوحي). وبما أنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن النعم الإلهية ، لذا فإنّ هذه الآيات تتحدث عن أهمّ نعمة إلهية وأكثرها فائدة لعالم البشرية ، ألا وهي قضية الوحي والإرتباط بين الأنبياء والخالق. تقول الآية : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا). لأنّ الخالق منزّه عن الجسم والجسمانية.
(أَوْ مِن وَرَاىِ حِجَابٍ) كما كان يفعل موسى حيث إنّه كان يتحدث في جبل الطور.
(أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) كما كان يقوم به جبرائيل الأمين وينزل على الرسول صلىاللهعليهوآله : (فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ).
فلا يوجد طريق آخر سوى هذه الطرق الثلاثة لتحدّث الخالق مع عباده ل (إِنَّهُ عَلِىٌ