الآيات في النقطة المقابلة لذلك أي نجاة بني إسرائيل وخلاصهم ، فتقول : (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ). من العذاب الجسمي والروحي الشاق ، من ذبح الأطفال الذكور ، واستحياء البنات للخدمة وقضاء المآرب ، من السخرة والأعمال الشاقة جدّاً ، وأمثال ذلك.
لقد نجّى الله سبحانه هذه الامّة المظلومة من قبضة هؤلاء الظالمين ، أعظم سفاكي الدماء في التاريخ ، في ظل ثورة موسى بن عمران عليهالسلام الربانية ، لذلك تضيف الآية : (مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مّنَ الْمُسْرِفِينَ).
وتشير الآية التالية إلى نعمة اخرى من نعم الله سبحانه على بني إسرائيل ، فتقول : (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ). إلّاأنّهم لم يعرفوا قدر هذه النعمة ، فكفروا وعوقبوا.
وعلى هذا فإنّهم كانوا الامة المختارة في عصرهم ، لأنّ المراد من العالمين البشر في ذلك العصر والزمان لا في كل القرون والأعصار.
وتشير آخر آية من هذه الآيات إلى بعض المواهب الاخرى التي منحهم الله إيّاها ، فتقول : (وَءَاتَيْنَاهُم مّنَ الْأَيَاتِ مَا فِيهِ بَلؤٌا مُّبِينٌ).
وهذا تحذير لكل الامم والأقوام فيما يتعلق بالإنتصارات والمواهب التي يحصلون عليها بفضل الله ولطفه ، فإنّ الامتحان عندئذ عسير.
(إِنَّ هؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (٣٦)
لا شيء بعد الموت : بعد أنّ جسدت الآيات السابقة مشهداً من حياة فرعون والفراعنة ، وعاقبة كفرهم وإنكارهم ، تكرر الكلام عن المشركين مرّة اخرى ، وأعادت هذه الآيات مسألة شكهم في مسألة المعاد ـ والتي مرّت في بداية السورة ـ بصورة اخرى ، فقالت : (إِنَّ هؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِىَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى). وسوف لا نعود إلى الحياة اطلاقاً وما يقوله محمّد عن المعاد والحياة بعد الموت والثواب والعقاب ، والجنة والنار لا حقيقة له.
أي إنّنا نموت مرّة واحدة وينتهي كل شيء.
ثم تنقل كلام هؤلاء الذين تشبثوا بدليل واه لإثبات مدعاهم ، إذا قالوا : (فَأْتُوا بَابَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).