الطَّيّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).
تبيّن هذه الآية في مجموعها خمس نعم أنعم الله بها على بني إسرائيل.
النعمة الاولى هي الكتاب السماوي ، أي التوراة التي كانت مبينة للمعارف الدينية والحلال والحرام ، وطريق الهداية والسعادة ؛ والثانية مقام الحكومة والقضاء.
أمّا النعمة الثالثة فقد كانت نعمة مقام النبوّة ، حيث اصطفى الله سبحانه أنبياء كثيرين من بني إسرائيل.
وقد ورد في رواية أنّ عدد أنبياء بني إسرائيل بلغ ألف نبي ، وفي رواية اخرى : «إنّ عدد أنبياء بني إسرائيل أربعة آلاف نبي».
وتتحدث الآية في الفقرة الرابعة حديثاً جامعاً شاملاً عن المواهب المادية ، فتقول : (وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيّبَاتِ).
النعمة الخامسة ، هي تفوقهم وقوّتهم التي لا ينازعهم فيها أحد ، كما توضح الآية ذلك في ختامها فتضيف : (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).
لا شك أنّ المراد من «العالمين» هنا هم سكان ذلك العصر.
وتشير الآية التالية إلى الموهبة السادسة التي منحها الله سبحانه لهؤلاء المنكرين للجميل ، فتقول : (وَءَاتَيْنَاهُمْ بَيّنَاتٍ مّنَ الْأَمْرِ).
«البيّنات» : يمكن أن تكون إشارة إلى المعجزات الواضحة التي أعطاها الله سبحانه موسى بن عمران عليهالسلام وسائر أنبياء بني إسرائيل ، أو أنّها إشارة إلى الدلائل والبراهين المنطقية الواضحة ، والقوانين والأحكام المتقنة الدقيقة.
فمع وجود هذه المواهب والنعم العظيمة ، والدلائل البيّنة الواضحة لا يبقى مجال للاختلاف ، إلّاأنّ الكافرين بالنعم هؤلاء ما لبثوا أن اختلفوا ، كما يصور القرآن الكريم ذلك في تتمة هذه الآية إذ يقول : (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ).
ويهددهم القرآن الكريم في نهاية الآية بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
وبهذا فقد فقدوا قوّتهم وعظمتهم في هذه الدنيا بكفرانهم النعمة ، واختلافهم فيما بينهم ، واشتروا لأنفسهم عذاب الآخرة.
بعد بيان المواهب التي منّ الله تعالى بها على بني إسرائيل ، وكفرانها من قبلهم ، ورد