وحيث إنّه في كثير من الأوقات تحلّ «الروابط» في أمثال هذه المسائل محل «الضوابط» فإنّ القرآن يضيف في نهاية هذه الآية مرّةً اخرى قائلاً : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وهكذا تتّضح إحدى أهم المسؤوليات الاجتماعية على المسلمين في ما بينهم في تحكيم العدالة الاجتماعية بجميع أبعادها.
بحث
أهمية الأخوة الإسلامية : إنّ جملة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الواردة في الآيات المتقدمة واحدة من الشعارات الأساسية و «المتجذرة» في الإسلام.
فعلى هذا الأصل الإسلامي المهم فإنّ المسلمين على اختلاف قبائلهم وقوميّاتهم ولغاتهم وأعمارهم يشعرون فيما بينهم بالأخوة وإن عاش بعضهم في الشرق والآخر في الغرب ...
ففي مناسك الحج مثلاً حيث يجتمع المسلمون من نقاط العالم كافة في مركز التوحيد تبدو هذه العلاقة والإرتباط والإنسجام والوشائج محسوسة وميداناً للتحقق العيني لهذا القانون الإسلامي المهم ...
وبتعبير آخر : إنّ الإسلام يرى المسلمين جميعاً بحكم الأسرة الواحدة ويخاطبهم جميعاً بالإخوان والأخوات ليس ذلك في اللفظ والشعار ، بل في العمل والتعهدات المتماثلة أيضاً ، جميعهم (أخوة وأخوات).
وفي الروايات الإسلامية تأكيد على هذه المسألة أيضاً.
في كنز الفوائد : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «للمسلم على أخيه ثلاثون حقّاً ، لا براءة له منها إلّا بالأداء العفو ؛ يغفر زلّته ، ويرحم عبرته ، ويستر عورته ، ويُقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويرد غيبته ، ويديم نصيحته ، ويحفظ خلّته ، ويرعى ذمّته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميتته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هديته ، ويكافي صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، ويحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسئلته ، ويسمّت عطسته ، ويرشد ضالّته ، ويردّ سلامه ، ويطيب كلامه ، ويُبرّ أنعامه ، ويصدق أقسامه ، ويوالي وليّه ، ولا يعادي عدوه ، وينصره ظالماً ومظلوماً ، فأمّا نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه ، وأمّا نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه ، ولا يُسلمه ، ولا يخذله ، ويحب له من الخير ما يُحبّ لنفسه ، ويكره له من الشرّ ما يكره لنفسه».