العبادة على الآخرين هو الذي بذل منتهى الإنعام والإكرام ، وليس ذلك سوى الله سبحانه. فبناءً على ذلك فالعبودية هي قمّة التكامل وأوج بلوغ الإنسان وإقترابه من الله.
فإنّ العبودية الكاملة هي أن لا يفكّر الإنسان بغير معبوده الواقعي أي الكمال المطلق ، ولا يسير إلّافي منهجه اللاحب وأن ينسى سواه حتى (نفسه وشخصه).
وهذا هو الهدف النهائي من خلق البشر الذي أعدّ الله له الامتحان والاختبار لنيله ، ومنح الإنسان العلم والمعرفة ، وجعل نتيجة كل ذلك فيض رحمته للإنسان.
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٦٠)
هؤلاء يشاركون أصحابهم في العذاب : الآيتان أعلاه هما آخر سورة الذاريات ، وهما نوع من الإستنتاج لما تقدم من الآيات الواردة في السورة ذاتها. فالآية الاولى تقول أنّه بعد أن أصبح معلوماً أنّ هؤلاء المشركين قد انحرفوا عن الهدف الحقيقي للخلقة ، فليعلموا أنّ لهم قسطاً وافراً من العذاب الإلهي كما كان للأقوام السالفة : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ) .. ويقولوا إن كان عذاب الله حقّاً فلِمَ لا يصيبنا؟!
والتعبير ب «الظلم» في شأن هذه الجماعة هو لأنّ الشرك والكفر من أكبر الظلم ، ولأنّ حقيقة الظلم هي وضع الشيء في غير موضعه المناسب ، ومن المعلوم أنّ عبادة الأصنام مكان عبادة الله تعدّ أهم مصداق للظلم ، ولذلك فهم يستحقون العاقبة التي نالها الأقدمون من المشركين.
وفي الآية الأخيرة إستكمال لعذاب الدنيا بعذاب الآخرة ، إذ تقول : (فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ).
وكما أنّ هذه السورة بُدئت بمسألة المعاد والقيامة ، فإنّها إنتهت بالتأكيد عليها كذلك.
|
«نهاية تفسير سورة الذاريات» |
* * *