وعن الإمام الباقر عليهالسلام قال : «من قرأ سورة الطور جمع الله له خير الدنيا والآخرة».
وواضح أنّ كل هذا الأجر والثواب العظيم هو لُاولئك الذين يجعلون هذه التلاوة وسيلة للتفكر والتفكر بدوره وسيلة للعمل.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) (٨)
هذه السورة ـ هي الاخرى ـ من السور التي تبدأ بالقسم ... القسم الذي يهدف لبيان حقيقة مهمة ، وهي مسألة القيامة والمعاد ومحاسبة أعمال الناس.
يقول سبحانه وتعالى : (وَالطُّورِ).
«الطور» : في اللغة معناه الجبل ، ولكن مع ملاحظة أنّ هذه الكلمة تكرّرت في عشر آيات من القرآن الكريم ، تسع منها كانت في الكلام على «طور سيناء» وهو الطور أو الجبل الذي نزل الوحي عنده على موسى ، فيُعلم أنّ المراد منه في الآية محل البحث (الطور ذاته). فبناءً على ذلك ، فإنّ الله يقسم في أوّل مرحلة بواحد من الأمكنة المقدسة في الأرض حيث نزل عليها الوحي.
وفي تفسير قوله تعالى (وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ) احتمالات متعددة ، ولكن بتناسب القسَم المذكور آنفاً فإنّ الآية تشير هنا إلى «كتاب موسى» أو كل كتاب سماوي.
(فِى رَقّ مَّنشُورٍ). «الرقّ» : من الرقّة ، وهي في الأصل الدقة واللطافة ، كما تطلق هذه الكلمة على الورق أو الجلد الخفيف الذي يكتب عليه ؛ و «المنشور» : معناه الواسع.
(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ). والمراد منه «الكعبة» وهي بيت الله في الأرض المعمور بالحجاج والزوار ، وهو أوّل بيت وضع للعبادة على الأرض.
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ). والمقصود هو «السماء» لأنّنا نقرأ في الآية (٣٢) من سورة الأنبياء : (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا).
ولعل الوجه ـ في التعبير ـ بالسقف هو أنّ النجوم والكرات السماوية إلى درجة من الكثرة بحيث غطّت السماء فصارت كأنّها السقف ، أو إشارة إلى الجو الذي يحيط بالأرض أو ما يسمّى بالغلاف الجوّي ، وهو بمثابة السقف الذي يمنع النيازك والشهب أن تهوي إلى الأرض وتصدّ الأشعّة الضارّة من الوصول إلى الأرض.