(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ). «المسجور : معناه الملتهب ، كما في الآيتين (٧١ و ٧٢) من سورة غافر ، إذ قال سبحانه : (يُسْحَبُونَ * فِى الْحَمِيمِ ثُمَّ فِى النَّارِ يُسْجَرُونَ).
هذا «البحر المسجور» هو البحر المحيط بالأرض ، أو البحار المحيطة بها وسيلتهب قبل يوم القيامة ، ثم ينفجر كما نقرأ ذلك في الآية (٦) من سورة التكوير : (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ).
البحر الذي في باطن الأرض وهو مؤلّف من مواد منصهرة مذابة.
ولعلّ أن تكون الآية قَسماً بهما معاً ، إذ كلاهما من آيات الله ومن عجائب هذا العالم الكبرى.
وعلاقة هذه الأقسام الخمسة فيما بينها ، أنّ الظاهر أنّ الأقسام الثلاثة الاول بينها إرتباط وعلاقة ، لأنّها جميعاً تتحدث عن الوحي وخصوصياته ، فالطور محل نزول الوحي ، والكتاب المسطور إشارة إلى الكتاب السماوي أيضاً ، سواءً كان التوراة أو القرآن ، والبيت المعمور هو محل ذهاب وإيّاب الملائكة ورُسل وحي الله.
أمّا القَسمان الآخران فيتحدثان عن الآيات التكوينية «في مقابل الأقسام الثلاثة التي كانت تتحدث عن الآيات التشريعية».
وهذان القَسمان واحد منهما يشير إلى أهمّ دلائل التوحيد وعلائمه وهو «السماء» بعظمتها ، والآخر يشير إلى واحد من علائم المعاد المهمة ودلائله ، وهو الواقع بين يدي القيامة.
فبناءً على هذا فإنّ التوحيد والنبوة والمعاد جمعت في هذه الأقسام [أو الأيمان] الخمسة.
(إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ). إنّ هذه الأقسام والتي تدور حول محور قدرة الله في عالم التكوين والتشريع تدل على أنّ الله قادر على إعادة الحياة وبعث الموتى من قبورهم مرّة اخرى ، وهذا هو غاية الأقسام المذكورة كما قرأنا في الآيات الأخيرة من الآيات محل البحث.
(يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦)