ومما يجدر بالملاحظة أنّ هذا الحق ينتقل من بعد الرسول صلىاللهعليهوآله إلى الأئمة المعصومين عليهمالسلام ومن بعدهم إلى نوّابهم. يعني (كل مجتهد جامع للشرائط) لأنّ الأحكام الإسلامية لا تعطّل ، والحكومة الإسلامية من أهمّ المسائل التي يتعامل المسلمون معها وقسم من هذه الاسس قنّنت ضمن الهيكل الاقتصادي العام للمجتمع الإسلامي ، كما أنّها تمثّل مبدأً أساسياً في النظام الاقتصادي للدولة الإسلامية.
ثم يستعرض سبحانه فلسفة هذا التقسيم الدقيق بقوله تعالى : (كَىْ لَايَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ). فيتداول الأغنياء الثروات فيما بينهم ويحرم منها الفقراء.
والمفهوم الذي ورد في هذه الآية يوضّح أصلاً أساسياً في الاقتصاد الإسلامي وهو : وجوب التأكيد في الاقتصاد الإسلامي على عدم تمركز الثروات بيد فئة محدودة وطبقة معيّنة تتداولها فيما بينها ، مع كامل الإحترام للملكية الشخصية ، وذلك بإعداد برنامج واضح بهذا الصدد يحرّك عملية تداول الثروة بين أكبر قطاع من الامة.
ويضيف سبحانه في نهاية الآية : (وَمَاءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
وبالرغم من أنّ هذا القسم من الآية نزل بشأن غنائم بني النضير ، إلّاأنّ محتواها حكم عام في كل المجالات ، ومدرك واضح على حجية سنّة الرسول صلىاللهعليهوآله.
وطبقاً لهذا الأصل فإنّ جميع المسلمين ملزمون بإتّباع التعاليم المحمّدية ، وإطاعة أوامر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإجتناب ما نهى عنه ، سواء في مجال المسائل المرتبطة بالحكومة الإسلامية أو الاقتصادية أو العبادية وغيرها.
(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (١٠)