ستتلاشى ، ودليل هذا ما ورد في الآية (٧٤) من سورة البقرة في وصف جماعة من اليهود. قال تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذلِكَ فَهِىَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِن خَشْيَةِ اللهِ).
الآيات اللاحقة تستعرض قسماً مهمّاً من صفات جمال وجلال الله سبحانه ، التي لكل واحدة منها الأثر العميق في تربية النفوس وتهذيب القلوب ، وتحوي الآيات القرآنية الثلاثة خمسة عشر وصفاً لله سبحانه. أو بتعبير آخر : فإنّ ثماني عشرة صفة من صفاته العظيمة تذكرها ثلاث آيات ، وكل منها تتعلّق ببيان التوحيد الإلهي والاسم المقدس ، وتوضّح للإنسان طريق الهداية إلى العالم النوراني لأسماء وصفات الحق سبحانه. يقول تعالى : (هُوَ اللهُ الَّذِى لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).
هنا وقبل كل شيء يؤكّد على مسألة التوحيد ، التي هي أصل لجميع صفات الجمال والجلال ، وهي الأصل والأساس في المعرفة الإلهية ، ثم يذكر علمه بالنسبة للغيب والشهود.
ثم يعتمد على رحمته العامة التي تشمل جميع الخلائق : (الرحمن) ورحمته الخاصة التي تخصّ المؤمنين ، (والرحيم) لتعطي للإنسان أملاً ، ولتعينه في طريق بناء نفسه والتكامل بأخلاقه وسلوكه بالسير نحو الله.
أمّا في الآية اللاحقة ، فبالإضافة إلى التأكيد على مسألة التوحيد فإنّها تذكر ثمانية صفات اخرى لله سبحانه ، حيث يقول الباريء عزوجل : (هُوَ اللهُ الَّذِى لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ).
(الْمَلِكُ) الحاكم والمالك الحقيقي لجميع الكائنات.
(الْقُدُّوسُ) المنزّه من كل نقص وعيب.
(السَّلمُ) لا يظلم أحد ، وجميع الخلائق في سلامة من جهته.
ثم يضيف سبحانه :
(الْمُؤْمِنُ) يعطي الأمان لأحبّائه ، ويتفضّل عليهم بالإيمان.
(الْمُهَيْمِنُ) الحافظ والمراقب لكل شيء.
(الْعَزِيزُ) القادر الذي لا يقهر.
(الْجَبَّارُ) : مأخوذ من (جبر) وقد ورد هذا المصطلح عشر مرّات في القرآن الكريم ، تسع مرّات حول الأشخاص الظالمين والمستكبرين المتسلّطين على رقاب الامّة والمفسدين في الأرض ومرّة واحدة فقط عن الله القادر المتعال ، حيث ورد بهذا المعنى في الآية مورد البحث.