علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله من تمنّى شيئاً وهو لله عزوجل رضاً لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه.
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (٢٧) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى) (٣٠)
هذه الآيات ـ محل البحث ـ كالآيات المتقدمة ، تبحث موضوع نفي عقائد المشركين ، فتقول أوّلها : (إِنَّ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى).
أجل ، إنّ هذا الكلام القبيح والمخجل إنّما يصدر من اناس لا يعتقدون بيوم الحساب ولا بجزاء أعمالهم ، فلو كانوا يعتقدون بالآخرة لما تجاسروا وقالوا مثل هذا الكلام ، وأي كلام؟! كلام ليس لهم فيه أدنى دليل ... بل الدلائل العقلية تبرهن على أنّه ليس لله من ولد ، وليس الملائكة إناثاً ، ولا هم بنات الله كذلك.
ثم يتناول القرآن واحداً من الأدلة الواضحة على بطلان هذه التسمية فيقول معقّباً : (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَايُغْنِى مِنَ الْحَقّ شَيًا).
فالإنسان الهادف والمعتقد لا يطلق كلامه دون علم ودراية ، ولا ينسب أيّة نسبة لأحد دونما دليل .. فالتعويل على الظن والتصور إنّما هو من عمل الشيطان أو من يتّصف بالشيطانية ... وقبول الخرافات والأشياء الموهومة دليل الإنحراف وعدم العقل.
ولكن الظن المعقول وهو ما يخطر في الذهن ، ويكون مطابقاً للواقع غالباً ، وعليه يبني الإنسان أعماله وسلوكياته اليومية عادة ـ كشهادة الشهود في المحكمة وقول أهل الخبرة وظواهر الألفاظ وأمثال ذلك ـ غير داخل في هذه الآيات ، وهذه الامور نوع من العلم العرفي لا الظن.
ومن أجل أن يبيّن القرآن أنّ هؤلاء الجماعة ليسوا أهلاً للإستدلال والمنطق الصحيح ، وقد ألهاهم حب الدنيا عن ذكر الله وجرّهم إلى الوحل في خرافاتهم وأوهامهم يضيف قائلاً : (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَوةَ الدُّنْيَا).