التّفسير
تعويض خسائر المسلمين والكفار : إستعرضت الآيات السابقة موضوع البغض في الله وما يترتّب على ذلك من قطع أي صلة مع أعداء الله ... أمّا موضوع هذه الآيات فهو عن الحبّ في الله وعن طبيعة العلاقة مع الذين إنفصلوا عن الكفر وإرتبطوا بالإيمان.
وينصبّ الحديث في الآية الاولى ـ من هذه الآيات المباركات ـ عن النساء المهاجرات ، حيث ضمّت هذه الآية سبع نقاط تتعلق بالنساء المهاجرات ، كما تناولت نقاطاً اخرى تختص بالنساء المشركات.
النقاط التي تختص بالنساء المهاجرات هي :
١ ـ امتحان النساء المهاجرات ، حيث يوجّه سبحانه الحديث إلى المؤمنين فيقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ).
إنّ هذا الإمتحان هو أن يستحلفن أنّ هجرتهن لم تكن إلّامن أجل الإسلام.
كما يوجد احتمال آخر حول كيفية امتحان النسوة المهاجرات ، وذلك كما ورد في الآية (١٢) من نفس السورة. قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
ومن الممكن أن يكون الكذب في الحلف أيضاً ، فيقول البعض خلافاً لما يعتقد به ، إلّاأنّ التزام الكثير من الناس حتى المشركين في ذلك الزمان بمسألة البيعة والحلف بالله كان سبباً في تقليص دائرة غير الصادقين.
لذا يضيف سبحانه في العبارة التالية : (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ).
٢ ـ يقول سبحانه في الأمر اللاحق : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ).
٣ ـ في ثالث نقطة التي هي دليل على الحكم السابق يضيف تعالى : (لَاهُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ).
فالإيمان والكفر لا يجتمعان في مكان واحد ، لأنّ عقد الزواج المقدس لا يمكن أن يربط بين محورين وخطّين متضادين (خط الإيمان) من جهة و (الكفر) من جهة اخرى.
٤ ـ كان المتعارف بين العرب أن يدفعوا للمرأة مهرها سلفاً ، ولهذا المعنى أشار سبحانه في قوله في الأمر الرابع : (وَءَاتُوهُمْ مَّا أَنفَقُوا).