من الواضح أنّ لأمر ترك البيع والشراء مفهوماً واسعاً يشمل كل عمل يمكن أن يزاحم الصلاة.
المقصود من (ذكر الله) بالدرجة الاولى هو الصلاة ، ولكنّنا نعلم أنّ خطبتي صلاة الجمعة مشتملة هي الاخرى ومتضمنة (لذكر الله) وهي جزء من صلاة الجمعة ، وبناءً على ذلك ينبغي الإسراع لحضور الخطبتين أيضاً.
تضيف الآية التي تليها قائلة : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَوةُ فَانتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
في آخر الآية ـ مورد البحث ـ ورد ذمّ عنيف للأشخاص الذين تركوا رسول الله صلىاللهعليهوآله في صلاة الجمعة وأسرعوا للشراء من القافلة القادمة ، إذ يقول تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا).
ولكن (قُلْ مَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ مّنَ اللهْوِ وَمِنَ التّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
فمن المؤكّد ، أنّ الثواب والجزاء الإلهي والبركات التي يحظى بها الإنسان عند حضوره صلاة الجمعة والإستماع إلى المواعظ والحكم التي يلقيها رسول الله صلىاللهعليهوآله وما ينتج عن ذلك من تربية روحية ومعنوية ، لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر ، فإذا كنتم تظنّون إنقطاع الرزق فإنّكم على خطأ كبير لأنّ (اللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
التعبير ب اللهو إشارة إلى الطبل وسائر آلات اللهو التي كانت تستعمل عند دخول قافلة جديدة إلى المدينة ، فقد كانت تستعمل كإعلان وإخبار عن دخول القافلة ، إضافةً إلى كونها وسيلة للترفيه والدعاية واللهو.
بحوث
١ ـ أوّل صلاة جمعة في الإسلام : في المجمع : قيل : قبل أن تنزل الجمعة ، قالت الأنصار لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى يوم أيضاً مثل ذلك ، فلنجعل يوماً نجتمع فيه ، فنذكر الله عزوجل ونشكره. وكما قالوا يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة. فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلّى بهم يومئذ وذكرهم فسمّوه يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم أسعد بن زرارة شاة ، فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة ، وذلك لقلتهم. فأنزل الله تعالى في ذلك : (إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ) الآية. فهذه أوّل جمعة في الإسلام. فأمّا أوّل جمعة جمعها رسول الله صلىاللهعليهوآله بأصحابه فقيل : إنّه قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله مهاجراً