حتى نزل قبا على عمرو بن عوف ، وذلك يوم الإثنين ، لإثنتي عشرة ليلة ، خلت من شهر ربيع الأوّل حين الضحى ، فأقام بقبا يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسّس مسجدهم ثم خرج من بين أظهرهم يوم الجمعة قاصداً المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ اليوم في ذلك الموضع مسجده. وكانت هذه الجمعة أوّل جمعة جمعها رسول الله صلىاللهعليهوآله في الإسلام. فخطب في هذه الجمعة وهي أوّل خطبة خطبها بالمدينة.
٢ ـ أهمية صلاة الجمعة : إنّ أفضل دليل على أهمية هذه الفريضة العظيمة هو الآيات الأخيرة في هذه السورة المباركة ، التي أمرت جميع المسلمين وأهل الإيمان بمجرد سماعهم لأذان الجمعة أن يسرعوا إليها ويتركوا الكسب والعمل ، وكل ما من شأنه أن يزاحم هذه الفريضة.
ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله في خطبة طويلة نقلها المخالف والؤالف : إنّ الله تعالى فرض عليكم الجمعة ، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي إستخفافاً بها أو جحوداً لها ، فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا زكاة له ، ألا ولا حجّ له ، ألا ولا صوم له ، ألا ولا برّ له ، حتى يتوب (١).
ومن الملفت للنظر أنّه قد ورد ذمّ شديد لتارك صلاة الجمعة ، عندما تكون صلاة الجمعة واجباً عينيّاً (أي في زمن حضور الإمام المعصوم) وأمّا في زمن الغيبة ، فإنّه لا يكون مشمولاً بهذا الذم والتقريع رغم عظمة صلاة الجمعة وأهميتها في هذا الوقت أيضاً.
٣ ـ فلسفة صلاة الجمعة العبادية والسياسية : إنّ صلاة الجمعة ـ قبل كل شيء ـ عبادة جماعية ولها أثر العبادات عموماً ، حيث تطهّر الروح والقلب من الذنوب ، وتزيل صدأ المعاصي عن القلوب.
أمّا من الناحية السياسية والاجتماعية فهي أكبر مؤتمر اسبوعي عظيم بعد مؤتمر الحج السنوي ، لهذا نجد الرسول صلىاللهعليهوآله يقول في رواية أنّ الجمعة حج من لا يملك القدرة على المشاركة في الحج.
ويعطي الإسلام أهمية خاصة لثلاثة مؤتمرات كبيرة :
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ / ٧ (باب وجوب صلاة الجمعة). رسائل شهيد الثاني ، رسالة الجمعة / ٦١.