شرائط الطلاق والإنفصال : تقدم أنّ أهمّ بحث في هذه السورة هو بحث الطلاق ، حيث يشرّع القرآن فيها مخاطباً الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله بصفته القائد الكبير للمسلمين ، ثم يوضّح حكماً عموميّاً بصيغة الجمع ، حيث يقول : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَاءَ فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ).
إنّ المراد هو أن تجري صيغة الطلاق عند نقاء المرأة من الدورة الشهرية ، مع عدم المقاربة الزوجية ـ هذا هو أوّل شرط للطلاق.
ثم يذكر الحكم الثاني وهو حساب العدّة ، حيث يقول تعالى : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ).
«أحصوا : من مادة الإحصاء بمعنى الحساب.
والجدير بالملاحظة هنا أنّ المخاطب في حساب العدّة هم الرجال وليس النساء ، وذلك لوقوع مسؤولية النفقة والسكن على عاتق الرجال ، كما أنّ حق الرجوع عن الطلاق يعود إليهم وليس إلى النساء ، وإلّا فهنّ ملزمات أيضاً في إحصاء العدّة لتعيين تكليفهنّ.
بعد ذلك يدعو الله تعالى الناس جميعاً إلى التقوى واجتناب المعاصي ، حيث يقول تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ). فهو ربّكم الحريص على سعادتكم ، فلا تعصوا له أمراً ولا تتركوا له طاعة ، وخاصة في حساب العدّة والتدقيق بها.
ثم يذكر الحكم الثالث الذي يتعلق بالأزواج والحكم الرابع الذي يتعلق بالزوجات. يقول تعالى : (لَاتُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ).
ورغم أنّ كثيراً من الجهلة لا يلتزمون بهذا الحكم عند الطلاق ، حيث يسمح الرجل لنفسه أن يخرج المرأة بمجرد إجراء صيغة الطلاق ، كما تسمح المرأة لنفسها بالخروج من بيت زوجها والرجوع إلى أقاربها بمجرد ذلك.
ولكن يبقى لهذا الحكم فلسفته المهمّة وحكمته البالغة ، فهو بالإضافة إلى إسداء الإحترام إلى المرأة ، يهيىء أرضية جيّدة للانصراف والإعراض عن الطلاق ، ويؤدي إلى تقوية الأواصر الزوجية.
إنّ عدم الالتزام بهذا الحكم الإسلامي الخطير ، الذي جاء في نصّ القرآن الكريم ، يسبّب كثيراً من حالات الطلاق التي تؤدي إلى الفراق الدائم ، بينما كثيراً ما يؤدي الالتزام بهذا الحكم إلى الرجوع والصلح والعودة إلى الزوجية مجدداً.
ولكن قد تقتضي بعض الظروف إخراج المرأة وعدم القدرة على الاحتفاظ بها في البيت ،