«الوزر : في الأصل مأخوذ من الوَزَر ـ على زنة خطر ـ ومعناه المأوى أو الكهف أو الملجأ الجبلي ، ثم استعملت هذه الكلمة في الاعباء الثقيلة! لشباهتها الصخور الجبلية العظيمة ، وأطلقت على الذنب أيضاً ، لأنّه يترك عبئاً ثقيلاً على ظهر الإنسان.
والمراد من الوازرة من يتحمل الوزر.
ولمزيد الإيضاح يضيف القرآن قائلاً : (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى).
أمّا الآية التالية فتقول : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى). فالإنسان لا يرى غداً نتائج أعماله التي كانت في مسير الخير أو الشرّ فحسب ، بل سيرى أعماله نفسها يوم الحساب ، كما نجد التصريح بذلك في الآية (٣٠) من سورة آل عمران : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا).
أمّا الآية الأخيرة من الآيات محل البحث فتقول : (ثُمَّ يُجْزَيهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى).
والمراد من الجزاء الأوفى هو الجزاء الذي يكون طبقاً للعمل ، وبالطبع هذا لا ينافي لطف الله وتفضّله بأن يضاعف الجزاء على الأعمال الصالحة عشرة أضعاف أو عشرات الأضعاف ومئاتها وإلى ما شاء الله.
اشير في الآيات ـ آنفة الذكر ـ إلى ثلاثة اصول من الاصول الإسلامية ، وقد أكّدت عليها الكتب السماوية السابقة وهي :
أ) كل إنسان مسؤول عن ذنبه ووزره.
ب) ليس للإنسان في آخرته إلّاسعيه.
ج) يُجزي الله كل إنسان على عمله الجزاء الأوفى.
وهكذا فإنّ القرآن يشجب الكثير من الأوهام والخرافات التي يهتمّ بها عامة الناس أو السائدة بينهم وكأنّها مذهب عقائدي.
(وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى) (٤٩)
كل شيء ينتهي إليه : في هذه الآيات تتجلى بعض صفات الله التي ترشد الإنسان إلى مسألة التوحيد وكذلك المعاد أيضاً. ففي هذه الآيات وإكمالاً للبحوث الواردة في شأن جزاء