الاولى : حركتها حول نفسها.
والثانية : حول الشمس.
والثالثة : مع مجموعة المنظومة الشمسية في وسط المجرّة.
هذه الحركات التي تكون سرعتها عظيمة ، هي من التناسب والانسجام إلى حدّ لم يكن ليصدق أحد أنّ للأرض حركة لولا إقامة البراهين القطعية على حركتها.
ومن جهة اخرى ، فإنّ قشرة الأرض ليست قويّة وقاسية إلى حدّ لا يمكن معه العيش فوقها ، ولا ضعيفة ليّنة لا قرار لها ولا هدوء ، وبذلك فإنّها مناسبة لحياة البشر تماماً.
ومن جهة ثالثة فإنّ بعدها عن الشمس ليس هو بالقريب منها إلى حدّ يؤدّي بحرارة الشمس إلى أن تحرق كل شيء على وجهها ، ولا هو ببعيد عنها بحيث يتجمّد كل شيء على سطحها.
وكذلك بالنسبة لضغط الهواء على الكرة الأرضية ، فإنّه متناسب بما يؤدّي إلى هدوء الإنسان وراحته.
والأمر نفسه يقال في الجاذبية الأرضية ، هي ليست شديدة إلى حدّ تتهشّم فيها عظام الإنسان ، ولا بالضعيفة التي يكون فيها معلّقاً لا يستطيع الاستقرار في مكان.
والخلاصة : إنّ الأرض (ذلول) ومطيعة ومسخّرة لخدمة الإنسان في جميع المجالات.
كما تحمل في نفس الوقت إشارة إلى ضرورة السعي في الأرض في طلب الرزق والحصول عليه ، وإلّا فسيكون الحرمان نصيب القاعدين والمتخلفين عن السعي.
ويجب الالتفات إلى أنّ هذا ليس هو الهدف الأساس لخلقكم ، إذ إنّ كل ذلك وسائل في طريق (نشوركم) وبعثكم وحياتكم الأبدية.
وبعد هذا الترغيب والتشويق يستعرض تعالى اسلوب التهديد والإنذار فيقول سبحانه : (ءَأَمِنتُم مَّن فِى السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ).
إنّ الباريء تعالى إذا أمر أو أراد فإنّ هذه الأرض الذلول الهادئة تكون في حالة هيجان وطغيان كدابة جموح ، تبدأ بالزلازل ، وتتشقّق وتدفنكم وبيوتكم ومدنكم تحت ترابها وحجرها ، وتبقى راجفة مضطربة مزمجرة بعد أن تقضي عليكم وعلى مساكنكم التي متّعتم فيها برهة من الزمن.
ثم يضيف سبحانه : (أَمْ أَمِنتُم مَّن فِى السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا). فلا يلزم حتماً