«صريم : من مادة صرم بمعنى (القطع) وهنا بمعنى (الليل المظلم) أو (الشجر بدون الثمار) أو (الرماد الأسود). والمقصود بذلك هو : البلاء السماوي الذي تمثّل بصاعقة عظيمة ـ فيما يبدو ـ أحالت البستان إلى فحم ورماد أسود.
فإنّ أصحاب البستان بقوا على تصوّرهم لأشجار جنّتهم المملوءة بالثمر ، جاهزة للقطف : (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ).
وقالوا : (أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ).
«أغدوا : من مادة غدوة بمعنى بداية اليوم.
وعلى ضوء المقدّمات السابقة : (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ). (أَن لَّايَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مّسْكِينٌ).
ويرتقب الفقراء يوم الحصاد بفارغ الصبر في مثل هذه الأيّام ، لأنّهم تعوّدوا في كل سنة أن ينالهم شيء من الفاكهة كما كان يفعل ذلك الشيخ المؤمن ، إلّاأنّ تصميم الأبناء البخلاء على حرمان الفقراء من العطاء ، والسريّة التي غلفوا بها تحرّكاتهم ، لم تدع أحداً يتوقّع أنّ وقت الحصاد قد حان ... حيث يطّلع الفقراء على الأمر بعد انتهائه ، وبهذا تكون النتيجة : (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ).
«حرد : على وزن فرد بمعنى الممانعة التي تكون توأماً مع الشدّة والغضب.
(فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (٣٣)
الآيات الشريفة ـ أعلاه ـ استمرار لقصّة أصحاب الجنة. يقول القرآن الكريم : (فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ).
ثم أضافوا : (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ). أي أردنا أن نحرم الفقراء والمحتاجين من العطاء إلّا أنّنا حرمنا أكثر من الجميع ، حرمنا من الرزق المادي ، ومن البركات المعنوية التي تحصل عن