وقال البعض : إنّ (الذراع) الوارد في الآية الكريمة هو غير الذراع المتعارف عليه ، حيث إنّ كل وحدة منه تمثّل فواصل عظيمة ، ويربط بهذا الزنجير جميع أهل جهنم.
وتتطرق الآيتان التاليتان لبيان السبب الرئيسي لهذا العذاب العسير ، فيقول تعالى : (إِنَّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ).
وكلّما كان الأنبياء والأولياء ورسل الله تعالى يدعونه للتوجه إلى (الواحد الأحد) لم يكن ليقبل ، ولذا فإنّ إرتباطه بالخالق كان مقطوعاً بصورة تامة.
(وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ).
وبهذا الشكل فإنّ هؤلاء قد قطعوا علاقتهم مع (الخلق) أيضاً.
ويستفاد من التعبير السابق ـ بصورة واضحة ـ أنّه يمكن تلخيص أهمّ الطاعات والعبادات وأوامر الشرع بهذين الأساسين : (الإيمان) و (إطعام المسكين) وهذا يمثّل إشارة إلى الأهمية البالغة لهذا العمل الإنساني العظيم.
ثم يضيف تعالى : (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ ههُنَا حَمِيمٌ). أي : صديق مخلص وحميم.
(وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ). أي : القيح والدم.
والجدير بالملاحظة هنا هو أنّ (الجزاء) و (العمل) لهؤلاء الجماعة متناسبان تماماً ، فبسبب قطع علاقتهم بالله ، فليس لهم هنالك من صديق ولا حميم ، كما أنّ سبب إمتناعهم عن إطعام المحتاجين فإنّ طعامهم في ذلك اليوم لن يكون إلّاالقيح والدم ، لأنّهم حرموا المساكين من الإطعام وتركوهم نهباً للجوع والألم في الوقت الذي كانوا يتمتّعون لسنين طويلة بألذّ وأطيب الأطعمة.
ويضيف سبحانه في آخر آية مورد البحث في قوله تعالى للتأكيد : (لَايَأْكُلُهُ إِلَّا الخَاطُونَ).
إنّ (خاطىء) تقال للشخص الذي يرتكب خطأً عمداً.
وبناءً على ما تقدم فإنّ طعام أهل جهنم خاصّ للأشخاص الذين سلكوا درب الشرك والكفر والبخل والطغيان تمردّاً وعصياناً وعمداً.
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (٤٣)