وعلى الإحتمال الثاني فإنّ القرآن يشير إلى مطابقة وتناسق السماوات السبع في النظم والعظمة والجمال.
ثم يضيف : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا).
التعبير بالسراج للشمس وبالنور للقمر هو أنّ نور الشمس ينشأ من ذاتها كالسراج ، وأمّا نور القمر فإنّه ليس من باطنه بل انعكاس لنور الشمس.
ثم يعود ذلك إلى الإنسان فيقول : (وَاللهُ أَنبَتَكُم مّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا).
التعبير ب الإنبات ، في شأن الإنسان لأسباب ؛ أوّلاً : خلق الإنسان الأوّل من التراب.
ثانياً : إنّ المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان وبها ينمو ويحيى ، هي من الأرض ، فهو إمّا يتناول الخضار والحبوب الغذائية أو الفواكه مباشرة ، أو بطريق غير مباشر كلحوم الحيوانات.
ثالثاً : هناك تشابه كثير بين الإنسان والنبات ، وهناك كثير من القوانين التي يسري حكمها على نمو وتغذية النباتات هي سارية أيضاً على الإنسان.
ثم يمضي إلى مسألة المعاد والتي كانت من المسائل المعقدة عند المشركين فيقول : (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا).
كنتم في البدء تراباً ، ثم تعودون إلى التراب ثانية ، ومن كانت له القدرة على أن يخلقكم من التراب هو قادر على أن يحييكم بعد الموت.
ثم يعود مرّة اخرى إلى آيات الآفاق وعلامات التوحيد في هذا العالم الكبير ، ويتحدث عن نعم وجود الأرض فيقول : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا).
ليست هي بتلك الخشونة بحيث لا يمكنكم الإنتقال والاستراحة عليها ، وليست بتلك النعومة بحيث تغطسون فيها ، وتفقدون القدرة على الحركة ، مضافاً إلى ذلك فهي كالبساط الواسع الجاهز المتوفر فيه جميع متطلباتكم المعيشية.
وليست الأراضي المسطحة كالبساط الواسع فحسب ، بل بما فيها من الجبال والوديان والشقوق المتداخلة بعضها فوق بعض والتي يمكن العبور من خلالها.
(لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا). فجاج : على وزن (مزاج) ، وهو جمع فج ، وبمعنى