الأكرم صلىاللهعليهوآله : جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً (١).
وهذا ردّ لمن اتّخذ الأصنام والأوثان للعبادة فأشرك بالله ، ومن اتّخذ الكعبة معبداً للأصنام ، أو انصرف إلى إحياء الطقوس المسيحية حيث (التثليث) أو عبد الأرباب الثلاثة في الكنائس والله تعالى يقول : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا).
ويضيف في إدامة الآية بياناً عن التأثير غير العادي للقرآن المجيد وقيام الرسول للدّعاء فيقول : (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا). أي : عندما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقوم للصلاة ، فإنّ طائفة من الجن كانوا يجتمعون عليه بشكل متزاحم.
«لبد : على وزن (فِعَل) وتعني الأشياء المجتمعة المتراكمة ، وهذا التعبير بيان لتعجب الجن ممّا يشاهدونه من عبادته وقراءته صلىاللهعليهوآله قرآناً لم يسمعوا كلاماً يماثله.
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلَّا بَلَاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) (٢٤)
في هذه الآيات يأمر الله تعالى نبيّه أن يقول : (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُوا رَبّى وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا).
وذلك لتقوية قواعد التوحيد ، ونفي كل أنواع الشرك ، كما مرّ في الآيات السابقة.
ثم يأمره أن : (قُلْ إِنّى لَاأَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا).
ثم يضيف : قل لهم بأنّي لو خالفت أمر الله تعالى فسوف يحيق بي العذاب أيضاً ولن يستطيع أحد أن ينصرني أو يدفع عنّي عذابه : (قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِّنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا).
وعلى هذا الأساس لا يستطيع أحد أن يجيرني منه تعالى ولا شيء يمكنه أن يكون لي ملجأ وهذا الخطاب يشير من جهة إلى الإقرار الكامل بالعبودية لله تعالى ، وإلى نفي كل أنواع الغلو في شأن النبي صلىاللهعليهوآله من جهة اخرى ، ويشير من جهة ثالثة إلى أنّ الأصنام ليس
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢ / ٩٧٠ / ٣.