فقط لا تنفع ولا تحمي ، بل إنّ نفس الرسول أيضاً مع ما له من العظمة لا يمكنه أن يكون له ملجأ من عذاب الله ، وينهى من جهة الذرائع والآمال للمعاندين الذين كانوا يطلبون من النبي صلىاللهعليهوآله أن يريهم المعاجز الإلهية ، ويثبت أنّ التوسل والشفاعة أيضاً لا يتحققان إلّابإذنه تعالى.
ويضيف في الآية الاخرى : (إِلَّا بَلغًا مِّنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ).
وقد مرّ ما يشابه هذا التعبير مراراً في آيات القرآن الكريم ، كما في الآية (٩٢) من سورة المائدة : (أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلغُ الْمُبِينُ). وكذا في الآية (١٨٨) من سورة الأعراف : (قُلْ لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
ويحذر في نهاية الآية فيقول : (وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
الواضح أنّ المراد فيها ليس كل العصاة ، بل المشركون والكافرون لأنّ مطلق العصاة لا يخلدون في النار.
ثم يضيف : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا).
إنّ سياق هذه الآية يشير إلى أنّ أعداء الإسلام كانوا يتبجّحون بقدرات جيوشهم وكثرة جنودهم أمام المسلمين ويستضعفونهم ، لهذا كان القرآن يواسيهم ـ المسلمين ـ ويبشرهم بأنّ العاقبة ستكون بانتصارهم وخسران عدوهم.
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢٨)
الله عالم الغيب : لقد تبيّن في الآيات السابقة حقيقة أنّ العصاة يبقون على عنادهم واستهزائهم حتى يأتي وعد الله بالعذاب ، وهنا يطرح السؤال ، وهو : متى يتحقق وعد الله؟ وقد أجاب القرآن على ذلك فقال : (قُلْ إِن أَدْرِى أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّى أَمَدًا).