بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) (٦)
قسماً بيوم القيامة والنفس اللوامة : تبدأ هذه السورة بقَسمين غزيرين بالمعاني ، فيقول تعالى : (لَاأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيمَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).
وفي العلاقة والرابطة الموجودة بين القسمين ؛ الحقيقة أنّ أحد دلائل وجود المعاد هو وجود محكمة الوجدان الموجودة في أعماق الإنسان ، والتي تنشط وتسر عند الإقدام لإنجاز عمل صالح ، وبهذه الطريقة تثيب صاحبها وتكافئه ، وعند إرتكاب الأعمال السيئة والرذيلة فإنّها سوف تقوم بتقريع صاحبها وتأنّبه وتعذبه إلى حدّ أنّه قد يقدم على الإنتحار للتخلص ممّا يمرّ فيه من عذاب الضمير.
عندما يكون (العالم الصغير) أي وجود الإنسان محكمة في قلبه ، فكيف يمكن للعالم الكبير أن لا يملك محكمة عدل عظمى؟
فمن هنا نفهم وجود البعث والقيامة بواسطة وجود الضمير الأخلاقي ، ومن هنا تتّضح الرابطة الظريفة بين القَسَمين. وبعبارة اخرى : فإنّ القسم الثاني هو دليل على القسم الأوّل.
ثم يستفهم تعالى في الآية الاخرى للتوبيخ فيضيف : (أَيَحْسَبُ الْإِنسنُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ* بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ).
ويمكن أن يكون ذلك إشارة لطيفة إلى الخطوط الموجودة في أطراف الأصابع والتي نادراً ما تتساوى هذه الخطوط عند شخصين.
وفي الآية الاخرى إشارة إلى أحد العلل الحقيقة لإنكار المعاد فيقول : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنسنُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ). إنّهم يريدون أن يكذبوا بالبعث وينكروا المعاد ، ليتسنى لهم الظلم وارتكاب المحارم والتنصل عن المسؤولية أمام الخلق.
ثم يضيف بعد ذلك : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيمَةِ).
أجل ، إنّه يستفهم مستنكراً عن وقوع يوم القيامة ويهرب ممّا كُلّف به لكي يفسح لنفسه طريق الفجور أمامه.