ويتحدث القرآن هنا عن الشراب الطهور الممزوج بالزنجبيل ، ومن البديهي أنّ الفرق بين هذا الشراب وذلك الشراب كالفرق بين الدنيا والآخرة.
ثم يضيف تعالى : (عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً).
«سلسبيلا : هو الشراب الهنيء واللذيذ جدّاً الذي ينحدر بسهولة في الحلق.
ثم يتحدث عن المستقبلين في هذا الحفل البهيج المقام بجوار الله في النعيم الأعلى فيقول تعالى : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا).
إنّهم مخلدون في الجنان ، وطراوة شبابهم ونشاطهم خالد أيضاً ، وكذا استقبالهم للأبرار ، لأنّ عبارة (مخلدون) وعبارة (يطوف عليهم) من جهة اخرى تبيان لهذه الحقيقة.
«لؤلؤاً منثوراً : يراد به الإشارة إلى جمالهم وصفائهم وإشراق وجوههم وكذلك حضورهم في كل مكان من المحفل الإلهي والروحاني.
وبما أنّ من المحال وصف النعم والمواهب للعالم الآخر مهما بلغ الكلام من البيان والبلاغة ، ولذا يقول تعالى في الآية الاخرى كلاماً مطلقاً : (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا).
إلى هنا اشير إلى قسم من نعم الجنان ، وحان الآن دور زينة أهل الجنان فيقول تعالى : (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ).
«سندس : ثوب رقيق من الحرير ؛ والإستبرق : ثوب غليظ من الحرير.
ثم أضاف تعالى : (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ).
وهي الفضة الشفافة اللامعة كالبلور وأجمل من الياقوت والدر واللؤلؤ.
«اساور : جمع أسورة وهي بدورها جمع (سوار) على وزن (غبار) ، أو سوار على وزن (حوار) وأخذ في الأصل من الكلمة الفارسية ، (دستوار) وعند انتقالها إلى العربية تغيّرت واختصرت وجاءت بصورة (سوار).
ثم يقول تعالى في نهاية الآية مشيراً إلى آخر نعمة وأهمّها من سلسلة النعم : (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا).
في المجمع عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : يطهرهم عن كل شيء سوى الله.
وفي روضة الكافي روي عن النبي صلىاللهعليهوآله حول عين مطهرة مزكية المستقرة على باب الجنة ، قال : فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ، ويسقط من أبشارهم الشعر وذلك قول الله عزوجل : (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا).