يتعلق بنشر آيات الحق بواسطة الملائكة ، ثم فصل الحق عن الباطل ، وبعد ذلك إلقاء الذكر والأوامر الإلهية على الأنبياء بقصد إتمام الحجّة والإنذار.
والآن لابدّ أن نرى الغرض من هذه الأيمان ، الآية التالية ترفع الستار عن هذا المعنى ، فتقول : (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ).
إنّ البعث والنشور ، والثواب والعقاب والحساب والجزاء كلّها حق لا ريب فيه.
ثم ينتهي إلى تبيان علامات ذلك اليوم الموعود ، فيقول : إذا تحقق ذلك اليوم الموعود فإنّ النجوم سوف تنطفيء وتمحى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ).
وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ) أي انشقت.
(وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ). أي زالت وانقلعت من مكانها.
«طمست : من مادة طمس وهو محو وزوال آثار الشيء ؛ وهنا إشارة إلى محو نور النجوم.
«نسفت : من مادة نسف ـ على وزن حذف ـ وفي الأصل ، بمعنى وضع حبوب الغذاء في الغربال وتحريكه لعزل القشور عن الحبوب ، ويعني هنا تفتيت الجبال ثم نسفها في الريح ، ونستوحي من بعض آيات القرآن المجيد أنّ انقراض العالم يلازم وقوع حوادث مهولة بحيث يتلاشى نظام العالم بكامله ، وحلول نظام الآخرة الجديد مكان ذلك النظام.
ثم أشار القرآن بعد ذلك إلى ما يجري في البعث ، فيضيف : وفي ذلك الوقت يتمّ تعيين وقت للأنبياء والرسل ليأتوا إلى ساحة المحشر ويدلوا بشهادتهم : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقّتَتْ) (١).
وهو كقوله : (فَلَنَسَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٢).
ثم يضيف تعالى : (لِأَىّ يَوْمٍ أُجّلَتْ). أي لماذا تمّ تأخير هذه الشهادة ولأي وقت؟
ثم يقول : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ). يوم فصل الحق عن الباطل ، فصل صفوف المؤمنين عن الكافرين ، والأبرار عن الأشرار ، ويوم حكم الله المطلق على الجميع.
ثم يبيّن عظمة ذلك اليوم أيضاً ، فيقول تعالى : (وَمَا أَدْرَيكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ).
إنّ الرسول صلىاللهعليهوآله بعلمه الواسع وبنظره الحاد الذي كان يرى من خلاله أسرار الغيب لم يكن مطلعاً بصورة كاملة على أبعاد عظمة ذلك اليوم ، فكيف بسائر الناس.
__________________
(١) اقّتت أصلها وقّتت من مادة وقت ، ويعني توقيت الوقت لرسل الله تعالى.
(٢) سورة الأعراف / ٦.