وتأتي الآية الاخرى لتقول : (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا). فاتصل به عالم الإنسان بعالم الملائكة (١).
وتأتي الآية الأخيرة لتخبرنا عن حال الجبال في ذلك اليوم الحق : (وَسُيّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا).
بملاحظة ما جاء في القرآن الكريم بخصوص مصير الجبال ليوم القيامة تظهر لنا أنّ الجبال ستطويها مراحل متعاقبة ، تبدأ حركتها من : (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) (٢).
ثم تُحمل وتُدك : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) (٣).
فتكون تلالاً من الرمال المتراكمة : (وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً) (٤).
فتصبح كأصواف منفوشة : (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ) (٥).
فتتحول غباراً متناثراً في الفضاء : (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنْبَثًّا) (٦).
ولا يبقى منها أخيراً إلّاالأثر ، كما أشارت لذلك الآية المبحوثة.
(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (٢٣) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً (٢٤) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزَاءً وِفَاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً) (٣٠)
جهنم ... المرصاد الرهيب : بعد أن بيّن القرآن الكريم في الآيات السابقة بعض أدلة المعاد وتناول قسماً من حوادث يوم القيامة ، يذكر في هذه الآيات ما يؤول إليه حال المجرمين ، فيقول : (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا). وهي : (لِّلطَّاغِينَ مَابًا). وأنّهم : (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا).
«المرصاد : اسم مكان يختفى فيه للمراقبة ؛ والمآب : هو محل الرجوع ، ويأتي أحياناً بمعنى المنزل والمقر ، وهو المقصود في هذه الآية.
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ١٦٦ ذيل الآية مورد البحث.
(٢) سورة طور / ١٠.
(٣) سورة الحاقّة / ١٤.
(٤) سورة المزمّل / ١٤.
(٥) سورة القارعة / ٥.
(٦) سورة الواقعة / ٥ و ٦.