النبي بأقوال مماثلة : (مَالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) (١).
ثم تختتم الآية بقوله سبحانه : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ). وذلك إتّهاماً لصالح عليهالسلام بالكذب فيما ادّعاه من اختصاص الوحي به وإنذار قومه وأنّه يريد أن يتحكّم علينا ويجعل كل امورنا تحت قبضته ويسيرنا وفق هواه وإرادته ..
«أشر : وصف من مادة أشر على وزن (قمر) بمعنى بطر ومرح زائد عن الحد.
ويردّ الباريء عزوجل عليهم بصورة قاطعة بقوله : (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ).
وعندما يدركهم العذاب الإلهي ويسوّيهم مع التراب ويحوّلهم رماداً ، وبعد أن يجازيهم الله بأعمالهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ... عندئذ سيدركون حقيقة اتّهاماتهم الزائفة التي اتّهموا بها نبي من أنبياء الله المقربين ، وسيعلمون أيضاً أنّ هذه الإفتراءات هي أحق بهم وألصق.
ثم يشير سبحانه إلى قصة الناقة التي ارسلت كمعجزة ودلالة على صدق دعوة صالح عليهالسلام حيث يقول : (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ).
«الناقة : انثى البعير ، وهي ليست كبقية النوق لما تتصف به من خصوصيات خارقة للعادة ، وطبقاً للروايات المشهورة فإنّ هذه الناقة قد خرجت من بطن صخرة جبل حجة دامغة للمنكرين والمعاندين.
ومن الواضح أنّ قوم ثمود قد جُعلوا أمام إمتحان عسير ، حيث يستعرض سبحانه هذا الإختبار لهم بقوله : (وَنَبّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ). يوم لهم ويوم للناقة.
ومع أنّ القرآن الكريم لم يوافنا بتفاصيل أكثر حول هذا الموضوع ، ولكن كما يذكر الكثير من المفسرين فإنّ ناقة صالح عليهالسلام كانت تشرب كل الماء يوم يكون شربها ، ويعتقد البعض الآخر أنّ هيئتها ووضعها كانا بشكل يدفع الحيوانات إلى الفرار من الماء عندما تقترب الناقة نحوه ، ولذلك فإنّهم إقترحوا حلاً وهو : أن يكون الماء يوماً لهم وآخر للناقة.
إنّ قوم ثمود المتمردين عقدوا العزم على قتل الناقة ، في الوقت الذي حذّرهم نبيّهم
__________________
(١) سورة الفرقان / ٧.