صالح عليهالسلام من مسّها بسوء ، وأخبرهم بأنّ العذاب الإلهي سيقع عليهم بعد فترة وجيزة إن فعلوا ذلك.
ونظراً لإستخفافهم بهذا التحذير (فقد نادوا أحد أصحابهم حيث تصدّى للناقة وقتلها). يقول الله سبحانه : (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ).
ويمكن أن يكون المراد ب (صاحب) أحد رؤساء ثمود ، وكان أحد أشرارهم المعروفين ويعرف في التاريخ ب (قدارة بن سالف) (١).
«عَقَرَ : من مادة عقر على وزن (ظلم) وفي الأصل بمعنى الأساس والجذر ، وإذا استعمل هذا المصطلح بخصوص الناقة فإنّه يعني القتل والنحر.
وتأتي الآية اللاحقة مؤكّدة إنذارهم قبل نزول العذاب الشديد عليهم ، حيث يقول سبحانه : (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ). ثم وقع العذاب والسخط الإلهي على هؤلاء المتمردين المعاندين حيث يضيف سبحانه : (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ).
«الهشيم : من مادة هشم على وزن حسم وفي الأصل بمعنى إنكسار الأشياء الضعيفة كالنباتات.
«محتظر : في الأصل من مادة حظر على وزن (حفز) بمعنى المنع ، ولذلك فإنّ إعداد الحظائر للحيوانات والمواشي تكون مانعة لها من الخروج ولدرء المخاطر عنها ، ومفردها (الحظيرة) ، ومحتظر على وزن محتسب ـ هو الشخص الذي يملك مثل هذا المكان.
والإستعراض الذي ذكرته الآية الكريمة حول عذاب قوم ثمود عجيب جدّاً ومعبّر للغاية ، حيث لم يرسل الله لهم جيوشاً من السماء أو الأرض للتنكيل بهم ، وإنّما كان عذابهم بالصيحة السماوية العظيمة ، فكانت صاعقة رهيبة ، أخمدت الأنفاس ، وكان إنفجاراً هائلاً حطّم كل شيء في قريتهم.
إنّ إستيعاب هذا اللون من العذاب كان صعباً وعسيراً للأقوام السالفة ، ولكنّه يسير بالنسبة لنا ، وذلك من خلال معرفتنا لتأثير الأمواج الناتجة من الإنفجارات ، حيث إنّها تحطّم كل شيء يقع ضمن دائرة إشعاعاتها.
ومن الطبيعي أنّنا لا نستطيع المقارنة بين الإنفجارات البشرية وصاعقة العذاب الإلهي
__________________
(١) قدارة : على وزن (منارة) ـ كان رجلاً قبيح الشكل والسيرة ، ومن أكثر الأشخاص شؤماً في التاريخ.