مفاهيم كثيرة.
وفي الكافي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : ولم يجعل الويل لأحد حتى يسميه كافراً. قال الله عزوجل : (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وما نستفيده من هذه الرواية هو : إنّ التطفيف فيه وجه من الكفر.
وتتطرق الآيتين التاليتين إلى طريقة عمل المطففين ، فتقول الآية الاولى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ).
وتقول الآية الثانية : (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
وممّا ينبغي الإلتفات إليه ... أنّ الآيات وإن تحدثت عن التطفيف في الكيل والوزن ، ولكن لا ينبغي حصر مفهومها بهما ، فالتطفيف يشمل حتى العدد ، وليس من البعيد أن تكون الآيات قد أشارت إلى إنقاص ما يؤدّي من خدمة مقابل أجر ، كما لو سرق العامل أو الموظف من وقت عمله ، فإنّه والحال هذه سيكون في حظيرة المطففين المذمومين بشدّة في الآيات المباركة المذكورة.
ولا تخلوا من مناسبة أن يجعل أيّ تجاوز لحدود الله ، وأيّ إنقاص أو اخلال في الروابط الإجتماعية أو إنحلال في الضوابط الأخلاقية ، إنّما هو مفردات ومصاديق لهذا المفهوم.
ويهدد القرآن الكريم المطففين ، باستفهام توبيخي : (أَلَا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ.
(لِيَوْمٍ عَظِيمٍ).
يوم عظيم في : عذابه ، حسابه وأهواله.
(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ). أي : إنّهم لو كانوا يعتقدون بالبعث والحساب : وأنّ أعمالهم مسجلة وستعرض كاملة في محكمة العدل الإلهي بخيرها وشرّها ، وكبيرها وحقيرها ، لو كانوا يعتقدون ذلك ، لما ظلموا أحداً ، ولأعطوا الناس حقوقهم كاملة.
وفي الكافي عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام بالكوفة عندكم يغتدي كل يوم بكرة من القصر ، فيطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ، ومعه الدّرة على عاتقه وكان لها طرفان وكانت تسمى السبيبة فيقف على أهل كل سوق ، فينادي : يا معشر التجّار اتّقوا الله عزوجل ، فإذا سمعوا صوته عليهالسلام ألقوا ما بأيديهم ، وأرعوا إليه بقلوبهم ، وسمعوا بآذانهم ، فيقول عليهالسلام : قدموا الإستخارة ، وتبركوا بالسهولة ، واقتربوا من المبتاعين ، وتزيّنوا بالحلم ، وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ، وتجافوا عن الظلم ، وانصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، فيطوف عليهالسلام