تبدأ السورة في ذكرها لأحداث نهاية العالم المهولة بالإشارة إلى السماء فتقول : (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ). (فتلاشت نجومها وأجرامها واختل نظام الكواكب فيها) ، كإشارة الآيتين (١ و ٢) من سورة الإنفطار التي أعلنت عن نهاية العالم بخرابه وفنائه : (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ* وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ).
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن علي عليهالسلام قال : تنشق السماء من المجرّة. فإنّ النجوم التي نراها في السماء اليوم ، ستنفصل عن المجرة ، وبها تنشق السماء.
وتحكي الآية التالية حال السماء : (وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقَّتْ).
فلا يتوهم أنّ السماء بتلك العظمة بامكانها اظهار أدنى مقاومة لأمر الله .. بل ستستجيب لأمر الله خاضعة طائعة ، لأنّ إرادته سبحانه في خلقه هي الحاكمة ، ولا يحق لأي مخلوق أن يعصي أمره جلّ وعلا.
«أذنت : من الاذن على وزن (افق) ، وهي آلة السمع وتستعار لمن كثر استماعه ، وفي الآية : كناية عن طاعة أمر الآمر والتسليم له.
«حقّت : من الحق ، أي : وحق لها أن تنقاد لأمر ربّها.
وكيف لها لا تسلّم لأمره عزوجل ، وكل وجودها وفي كل لحظة من فيض لطفه ، ولو انقطع عنها بأقل من رمشة عين لتلاشت.
وفي المرحلة التالية تمتد الكارثة لتشمل الأرض أيضاً : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ).
فالجبال ـ كما تقول آيات قرآنية اخرى ـ ستندك وتتلاشى ، وستستوي الأرض في كافة بقاعها ، لتلمّ جميع العباد في عرصتها ، كما أشارت الآيات (١٠٥ ـ ١٠٧) من سورة طه إلى ذلك : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَّاتَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا).
وفي ثالث مرحلة تقول الآية التالية : (وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ).
والمعروف بين المفسرين أنّ الآية تشير إلى إلقاء الأرض بما فيها من موتى فيخرجون من باطن القبور إلى ظاهر الأرض ، مرتدين لباس الحياة من جديد.
وقال بعض المفسرين : إنّ المعادن والكنوز المودعة في الأرض ستخرج مع الأموات أيضاً.
وثمّة احتمال آخر في تفسير الآية ، يقول : إنّ المواد المذابة التي في باطن الأرض ستخرج