نتيجة الزلازل الرهيبة التي تقذفها إلى الخارج ، فتملأ الحفر والمنخفضات الموجودة على سطح الأرض ، وستهدأ الأرض بعد أن يخلو باطنها من هذه المواد.
و... : (وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقَّتْ).
فتسليم الموجودات لما سيحدث من كوارث كونية مدمرة ينم عن جملة امور ، فمن جهة : إنّ الفناء سيعم الدنيا بكاملها بأرضها وسمائها وإنسانها وكل شيء آخر ، ومن جهة اخرى : فالفناء المذكور يمثل انعطافة حادّة في مسير عالم الخليقة ، ومقدمة للدخول في مرحلة وجود جديدة ، ومن جهة ثالثة ، فكل ما سيجري ينبئ بعظمة قدرة الخالق المطلقة ، وخصوصاً في مسألة المعاد.
نعم ، فسيرضخ الإنسان ، بعد أن يرى بام عينيه وقوع تلك الحوادث العظام ، وسيرى حصيلة أعماله الحسنة والسيئة.
وتبيّن الآية التالية معالم طريق الحياة للإنسان مخاطبة له : (يَا أَيُّهَا الْإِنسنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبّكَ كَدْحًا فَمُلقِيهِ).
«الكدح : السعي والعناء الذي يخلق أثراً على الجسم والروح.
والآية تشير إلى أصل أساسي في الحياة البشرية ، فالحياة دوماً ممزوجة بالتعب والعناء ، وإن كان الهدف منها الوصول إلى متاع الدنيا ، فكيف والحال إذا كان الهدف منها هو الوصول إلى رضوان الله ونيل حسن مآب الآخرة؟!
فالحياة الدنيا قد جبلت على المشقة والتعب والألم ، حتى لمن يرفل بأعلى درجات الرفاه المادي.
وما ذكر لقاء الله في الآية إلّالتبيان أنّ حالة التعب والعناء والكدح حالة مستمرة إلى اليوم الموعود ، ولا يتوقف إلّابانتهاء عجلة الحياة الدنيا ، ولا فرق في توجيه معنى اللقاء سواء كان لقاء يوم القيامة والوصول إلى عرصة حاكمية الله المطلقة ، أو بمعنى لقاء جزاء الله من عقاب أو ثواب ، أو بمعنى لقاء ذاته المقدسة عن طريق الشهود الباطني.
نعم ، فراحة الدنيا لا تخلو من تعب ، والراحة الحقة .. هناك ، حيث ينعم الإنسان بين فيافي جنان الخلد.
واستعمال كلمة ربّ فيه إشارة إلى ثمّة إرتباط ما بين سعي وكدح الإنسان من جهة ، وذلك البرنامج التربوي الذي أعدّه الخالق لمخلوقه في عملية توجيه الإنسان نحو الكمال المطلق من جهة اخرى.