فأحدهما ملك الشرق والغرب ، والآخر وصلت مدنيته لأن يحفر الجبال لبناء البيوت والقصور الفخمة ، ولهما من الجبروت ما لم يستطع أحد من الوقوف بوجههم ، ولكن العزيز الجبار أهلكهم بالماء والهواء ، مع ما لهاتين المادتين من الوسائل المهمة المستلزمة لأساسيات حياة الإنسان.
وتقول الآية التالية : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى تَكْذِيبٍ).
فآيات ودلائل الحق ليست بخافية على أحد ، ولكن العناد واللجاجة هما اللذان يحجبان عن رؤية طريق الحق والإيمان.
وكأنّ بل تشير إلى أنّ عناد وتكذيب أهل مكة أشدّ وأكثر من قوم فرعون وثمود وهم مشغولون دائماً بتكذيب الحق وانكاره ويستخدمون كل وسيلة في هذا الطريق.
وعليهم أن يعلموا بقدرة الله : (وَاللهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ).
فلا يدل الإمهال على الضعف أو العجز ، ولا يعني عدم تعجيل إنزال العقوبة الإلهية بأنّهم قد خرجوا عن قدرته جلّ شأنه.
وتقول الآية التالية : (بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ). ذو مكانة سامية ومقام عظيم.
(فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ). لا تصل إليه يد العبث ، والشيطنة ، ولا يصيبه أيّ تغيير أو تبديل ، أو زيادة أو نقصان.
فلا تبتئس يا محمّد بما ينسبونه إليك افتراءً ، كأن يتهموك بالشعر ، السحر ، الكهانة والجنون ... فاصولك ثابتة ، وطريقك نيّر ، والقادر المتعال معك.
«لَوح : هو الصفحة العريضة التي يكتب عليها ، ويراد هنا : الصفحة التي كتب فيها القرآن ، لكنّها ليست كالألواح المتعارفة عندنا ، بل (وعلى قول ابن عباس) : إنّ اللوح المحفوظ طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب.
ويبدو أنّ اللوح المحفوظ ، هو علم الله الذي يملاء الشرق والغرب ، ومصان من أيّ اختلاق أو تحريف.
|
نهاية تفسير سورة البروج |
* * *