من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأحر من النار ، سمّاه الله ضريعاً.
وتصف لنا الآية التالية ذلك الطعام : (لَّايُسْمِنُ وَلَا يُغْنِى مِن جُوعٍ).
فالذين شرهوا في تناول ألذ المأكولات في دنياهم ، على حساب ظلم الناس والتجاوز على حقوقهم ، ومنعوا لقمة العيش عن كثير من المحرومين ، فليس في طعام آخرتهم سوى العذاب الأليم.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (١٦)
صور من نعيم الجنة : بعد ذكر ما سيتعرض له أهل النار ، تنتقل عدسة السورة لتنقل لنا مشاهد رائعة لنعيم أهل الجنة .. ليتوضح لنا الفرق ما بين القهر الإلهي والرحمة الإلهية ، وما بين الوعيد والبشارة. فتقول الآية الاولى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ). على عكس وجوه المذنبين المكسوة بعلائم الذلة والخوف.
«ناعمة : من النعمة وتشير هنا إلى الوجوه الغارقة في نعمة الله ، وجوه طرية ، مسرورة ونورانية كما في الآية (٢٤) من سورة المطففين : (تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ).
وترى الوجوه : (لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ).
على عكس أهل جهنم ، فوجوههم عاملة ناصبة ، أمّا أهل الجنة ، فقد حان وقت حصادهم لما زرعوا في دنياهم ، وحصلوا عى أحسن ما يتمنون ، فتراهم في غاية الرضى والسرور.
وما زرعوا سيتضاعف ناتجه بإذن الله ولطفه أضعافاً مضاعفة ، فتارة عشرة أضعاف ، واخرى سبعمائة ضعف ، وثالثة يجازون على ما عملوا بغير حساب ، كما أشارت الآية (١٠) من سورة الزمر إلى ذلك بقولها : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).
ويدخل البيان القرآني في التفصيل أكثر : (فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ).
وكذا ... : (لَّاتَسْمَعُ فِيهَا لغِيَةً).
فهل يوجد مكان أهدأ وأجمل من ذلك؟!