(أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) (٢٦)
الإبل ... من آيات خلق الله : بعد أن تحدثت الآيات السابقة بتفصيل عن الجنة ونعيمها ، تأتي هذه الآيات لتوضح معالم الطريق الموصل إلى الجنة ونعيمها.
فمفتاح المعرفة معرفة الله ، ووصولاً لهذا المفتاح تذكر الآيات أربعة نماذج لمظاهر القدرة الإلهية وبديع الخلقة ، داعية الإنسان للتأمل ، عسى أن يصل إلى ما ينبغي له أن يصل إليه.
وتشير أيضاً إلى أنّ قدرة الله المطلقة هي مفتاح درك المعاد ..
فتقول الآية الاولى : (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ).
إنّ الآيات في أوّل نزولها كانت تخاطب أهل مكة قبل غيرهم ، والإبل أهم شيء في حياة أهل مكة في ذلك الزمان ، فهي معهم ليل نهار وتنجز لهم ضروب الأعمال وتدر عليهم الفوائد الكثيرة. أضف إلى ذلك أنّ لهذا الحيوان خصائص عجيبة قد تفرّد بها عن بقية الحيوانات ، ويعتبر بحق آية من آيات خلق الله الباهرة.
ولابدّ من التذكير ، بأنّ النظر الوارد في الآية ، يراد به النظر الذي يصحبه تأمل ودراسة.
وينتقل بنا البيان القرآني في الإبل إلى السماء : (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ).
فكيف أصبحت تلك الكواكب في مساراتها المحدودة ، وما هو سرّ استقرارها في أماكنها وبكلّ هذه الدقّة ، ولِم لَم يتغيّر محور حركتها بالرغم من مرور ملايين السنين عليها.
مع كل هذا وذاك ، ألا يكون أمر خلق السماء مدعاة للتأمل والتفكير ، والخضوع والتسليم لربوبية الخالق الواحد الأحد؟!
وينقلنا إلى الجبال : (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ).