وما يتغذى به ، وكذا الجبال فبالإضافة لكونها رمز الثبات والعلو ففيها مخازن المياه والمواد المعدنية بألوانها المتنوعة ، وما الإبل إلّانموذج بارز متكامل لذلك الحيوان الأهلي الذي يقدّم مختلف الخدمات للإنسان.
وعليه ، فقد تجمعت في هذه الأشياء الأربع كل مستلزمات الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية ، وحريّ بالإنسان والحال هذه أن يتأمل في هذه النعم المعطاءة ، كي يندفع بشكل طبيعي لشكر المنعم سبحانه وتعالى ، وبلا شك فإنّ شكر المنعم سيدعوه لمعرفة خالق النعم أكثر فأكثر.
وبعد هذا البحث التوحيدي ، يتوجه القرآن الكريم لمخاطبة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : (فَذَكّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ) ... (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ).
نعم ، فخلق السماء والأرض والجبال والحيوانات ينطق بعدم عبثية هذا الوجود ، وأنّ خلق الإنسان إنّما هو لهدف ...
فذكّرهم بهدفية الخلق ، وبيّن لهم طريق السلوك الربّاني ، وكن رائدهم وقدوتهم في مسيرة التكامل البشري.
وليس باستطاعتك إجبارهم ، وإن حصل ذلك فلا فائدة منه ، لأنّ شوط الكمال إنّما يقطع بالإرادة والإختيار ، وليس ثمّة من معنى للتكامل الإجباري.
وفي الآيتين التاليتين يأتي الاستثناء ونتيجته : (إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ) .. (فَيُعَذّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ).
ويراد ب (الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ) عذاب الآخرة الذي يقابل عذاب الدنيا الصغير نسبة لحجم وسعة عذاب الآخرة ، بقرينة الآية (٢٦) من سورة الزمر : (فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَكْبَرُ).
وكذلك يحتمل إرادة نوع شديد من عذاب الآخرة ، لأنّ عذاب جهنم ليس بمتساو للجميع.
وبحدّية قاطعة ، تقول آخر آيتين في السورة : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ) .. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم).