وتتجسد تلك العلاقة الموجودة بين الأشياء الخمس التي أقسم بها (الفجر ، ليال عشر ، الشفع ، الوتر ، الليل إذا يسر) إذا ما اعتبرناها ضمن أيّام ذي الحجة ومراسم الحج العظيمة. وفي غير هذا فسيكون إشارة إلى مجموعة من حوادث عالم التكوين والتشريع المهمّة ، والتي تبيّن جلال وعظمة الخالق سبحانه وتعالى.
ثم تأتي الآية التالية لتقول : (هَلْ فِى ذلِكَ قَسَمٌ لّذِى حِجْرٍ). الحجر : هنا بمعنى العقل ، وفي الأصل بمعنى (المنع). اطلق على العقل (حجر) لمنعه الإنسان عن الأعمال السيئة.
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (١٤)
إمهال الظالمين ... والإنتقام : بعد أن تضمّنت الآيات الاولى خمسة أقسام حول معاقبة الطغاة ، تأتي هذه الآيات لتعرض لنا نماذج من طواغيت الأرض ، وتبيّن لنا الآيات المباركة ما حلّ بهم من عاقبة أليمة ، محذرة المشركين في كل عصر ومصر على أن يرعووا ويعودوا إلى رشدهم ، لأنّهم مهما تمتعوا بقوّة وقدرة فلن يصلوا لما وصل إليه الأقوام السالفة ، وينبغي الإتعاظ بعاقبتهم ، وإلّا فالهلاك والعذاب الأبدي ولا غير سواه.
وتبتدأ الآيات ب : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ).
المراد بالرؤية هنا ، العلم والمعرفة لما وصلت إليه تلك الأقوام من الشهرة بحيث أصبح من جاء بعدهم يعرف عنهم الشيء الكثير وكأنّه يراهم بام عينيه.
«عاد : هم قوم نبي الله هود عليهالسلام ، وكانت تعيش في أرض الأحقاف أو اليمن.
ويضيف القرآن قائلاً : (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ).
«عماد : بمعنى العمود تشير إلى عظمة أبنيتهم وعلوّ قصورهم وما فيها من أعمدة كبيرة.
ولذا تقول الآية التالية : (الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلدِ).
والآية تبيّن أنّ المراد ب إرم المدينة.
وتذكر الآية التالية جمع آخر من الطغاة السابقين : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ).
وصنعوا منها البيوت والقصور.