«ثمود : من أقدم الأقوام ، ونبيّهم صالح عليهالسلام ، وكانوا يعيشون في (وادي القرى) بين المدينة والشام ، وكانوا يعيشون حياة مرفهة ، ومدنهم عامرة.
«جابوا : من الجوبة ـ على زنة توبة ـ وهي الأرض المقطوعة ، ثم استعملت في قطع كل أرض. فمراد الآية : قطع أجزاء الجبال وبناء البيوت القوية ، كما أشارت إلى ذلك الآية (٨٢) من سورة الحجر ـ حول ثمود أنفسهم ـ : (وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًاءَامِنِينَ).
«واد : في الأصل (وادي) ، وهو الموضع الذي يجري فيه النهر ، ومنه سمي المفرج بين الجبلين وادياً ، لأنّ الماء يسيل فيه.
والمعنى الثاني أكثر مناسبة بقرينة ما ورد في القرآن من آيات تتحدث عن هؤلاء القوم ، وما ذكرناه آنفاً يظهر بأنّهم كانوا ينحتون بيوتهم في سفوح الجبال.
وتتحرك الآية التالية لتستعرض قوماً آخرين : (وَفِرْعَوْنَ ذِى الْأَوْتَادِ).
أي : ألم تر ما فعل ربّك بفرعون الظالم المقتدر؟!
«أوتاد : جمع (وتد) ، وهو ما يثبّت به.
ولِمَ وصف فرعون بذي الأوتاد؟ وثمّة تفاسير مختلفة :
الأوّل : لأنّه كان يملك جنوداً وكتائباً كثيرة ، وكانوا يعيشون في الخيم المثبتة بالأوتاد.
الثاني : لما كان يستعمل من أساليب تعذيب من يغضب عليهم ، حيث غالباً ما كان يدق على أيديهم وأرجلهم بأوتاد ليثبتها على الأرض ، أو يضعهم على خشبة ويثبتهم بالأوتاد ، أو يدخل الأوتاد في أيديهم وأرجلهم ويتركهم هكذا حتى يموتوا.
وينتقل القرآن لعرض ما كانوا يقومون به من أعمال : (الَّذِينَ طَغَوْا فِى الْبِلدِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ).
الفساد الذي يشمل كل أنواع الظلم والإعتداء والإنحراف ، والذي هو نتيجة طبيعية من نتائج طغيانهم ، فكل من يطغى سيؤول أمره إلى الفساد لا محال.
ويذكر عقابهم الأليم وبعبارة موجزة : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ).
«السوط : هو الجلد المضفور الذي يُضرب به ، وأصل السوط : خلط الشيء بعضه ببعض ، وهو هنا كناية عن العذاب ، العذاب الذي يخلط لحم الإنسان بدمه فيؤذيه أشدّ الإيذاء. أمّا أنسب معاني السوط فهو المعروف بين الناس به.
«صبّ عليهم : تستعمل في الأصل لانسكاب الماء ، وهنا إشارة إلى شدّة واستمرار نزول العذاب.