وبهائه في هذه الليلة أكثر من أيّة ليلة اخرى جاء القسم به في الآية الكريمة.
والقسم الرابع بالنهار : (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلهَا). والتجلية : هي الإظهار والإبراز.
والقسم بهذه الظاهرة السماوية الهامة ، يبيّن أهميتها الكبرى في حياة البشر وفي جميع الأحياء ، فالنهار رمز الحركة والحياة ، وكل الفعاليات والنشاطات ومساعي الحياة تتمّ عادة في ضوء النهار.
والقَسم الخامس بالليل : (وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشهَا).
بالليل بكل ما فيه من بركة وعطاء ... إذ هو يخفّف من حرارة شمس النهار ، ثم هو مبعث راحة جميع الموجودات الحية واستقرارها.
وفي القسمين السادس والسابع تحلّق بنا الآية إلى السماوات وخالق السماوات : (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنهَا).
أصل خلقة السماوات بما فيها من عظمة مدهشة من أعظم عجائب الخليقة.
وبناء كل هذه الكواكب والأجرام السماوية وما يحكمها من أنظمة أعجوبة اخرى ... وأهم من كل ذلك ... خالق هذه السماوات.
القَسم الثامن والتاسع بالأرض وخالق الأرض : (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحهَا). بالأرض التي تحتضن حياة الإنسان وجميع الموجودات الحيّة ... الأرض بجميع عجائبها : بجبالها ، وبحارها ، وسهولها ، ووديانها ، وغاباتها ، وعيونها ، وأنهارها ، ومناجمها ، وذخائرها ... وبكلّ ما فيها من ظواهر يكفي كل واحد منها لأن يكون آية من آيات الله ودلالة على عظمته.
وأعظم من الأرض وأسمى منها خالقها الذي طحاها والطحو بمعنى البسط والفرش ، وبمعنى الذهاب بالشيء وإبعاده أيضاً. وهنا بمعنى البسط ، لأنّ الأرض كانت مغمورة بالماء ، ثم غاض الماء في منخفضات الأرض ، وبرزت اليابسة ، وانبسطت ، ويعبّر عن ذلك أيضاً بدحو الأرض.
وأخيراً القسم الحادي عشر والقسم الثاني عشر بالنفس الإنسانية وبارئها : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّيهَا).
قيل إنّ المراد بالنفس هنا روح الإنسان ، وقيل إنّه جسمه وروحه معاً.
ولو كان المراد من النفس الروح فقط ، فإنّ سوّاها تعني إذن نظّمها وعدّل قواها ابتداء من الحواس الظاهرة وحتى قوّة الإدراك ، والذاكرة ، والإنتقال ، والتخيل ، والإبتكار ،