٥ ـ تتحدث عن مصير المجرمين وجزائهم المؤلم المحسوب.
إنّ تكرار آية : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ) وفي مقاطع قصيرة أعطت وزناً متميّزاً للسورة ، وخاصة إذا قريء بالمعنى المعبّر الذي يستوحى منها ... فإنّ حالة من الشوق والإنبهار تحصل لدى الإنسان المؤمن. ولذلك فلا نعجب عندما نقرأ في حديث للرسول صلىاللهعليهوآله حيث يقول : لكل شيء عروس ، وعروس القرآن سورة الرحمن جلّ ذكره (١).
فضيلة تلاوة السورة : إنّ اتّصاف هذه السورة بما يثير الإحساس بالشكر على أفضل صورة أدّى إلى ورود روايات كثيرة في فضل تلاوة هذه السورة تلك التلاوة التي ينبغي أن تنفذ إلى أعماق النفس الإنسانية وتحركها باتّجاه الطاعات وبعيداً عن لقلقة اللسان.
وفي تفسير مجمع البيان : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من قرأ سورة الرحمن ، رحم الله ضعفه ، وأدّى شكر ما أنعم الله عليه.
وفي ثواب الأعمال عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام قال : من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ) : لا شيء من آلائك ربّي اكذّب ، فإن قرأها ليلاً ثم مات ، مات شهيداً ، وإن قرأها نهاراً ثم مات ، مات شهيداً.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (٦)
بداية النعم الإلهية : لمّا كانت هذه السورة تبيّن أنواع النعم والهبات الإلهية العظيمة ، فإنّها تبدأ باسم (الرحمن) والذي يرمز إلى الرحمة الواسعة ، ولو لم تكن (الرحمانية) من صفاته لم ينعم بهذا الخير العميم على عباده الصالحين والعاصين ، لذلك يقول : (الرَّحْمنُ).
عَلَّمَ الْقُرْءَانُ) وبهذا فإنّ أوّل نعمة تفضّل بها الله سبحانه ، هي نعمة تعليم القرآن.
والظريف هنا أنّ بيان نعمة (تعليم القرآن) ذُكرت قبل (خَلَقَ الْإِنسَانَ) و (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون الإشارة أوّلاً إلى مسألة خلق الإنسان ، ومن ثم نعمة تعليم البيان ، ثم نعمة تعليم القرآن ، وذلك استناداً للترتيب الطبيعي ، إلّاأنّ عظمة القرآن الكريم أوجبت أن نعمل خلافاً للترتيب المفترض.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٩ / ٣٢٦.