ومسافة كل منهما عن الأرض هي الاخرى محسوبة بدقّة وحساب (وحسبان).
ومن المؤكّد أنّ اختلال كل واحدة من هذه الامور سيولّد اختلالات عظيمة في المنظومة الشمسية ، ومن ثم في النظام الحياتي للبشر.
والجدير بالذكر أنّ الشمس بالرغم من أنّها في وسط المنظومة الشمسية وتبدو ساكنة وثابتة ، إلّاأنّها مع جميع كواكبها وأقمارها تسير في وسط المجرّة المتعلقة بها إلى نقطة معينة (تسمّى هذه النقطة بنجمة فيكا) وهذه الحركة لها أيضاً نظام وسرعة معينان.
ثم يتحول بنا الله إلى نعمة عظيمة اخرى هي الخامسة في مسلسل ما ذكره سبحانه من النعم في هذه السورة المباركة ، حيث يوجّه النظر إلى ألطافه في الأرض حيث يقول : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).
«النجم : يأتي أحياناً بمعنى كوكب ، ويأتي اخرى بمعنى النبات الذي لا ساق له ، ولمّا جاءت الكلمة هنا بقرينة الشجر فيكون المقصود هو المعنى الثاني ، أي النباتات بدون سيقان.
ومن الواضح أنّ النبات مصدر جميع المواد الغذائية للإنسان ، حيث يستهلك قسماً مباشراً منه ، والقسم الآخر تستهلكه الحيوانات الاخرى التي هي جزء أساسي من غذاء الإنسان ، ومن هنا فإنّ النبات هو مصدر غذاء الإنسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهذا المعنى يصدق أيضاً في عالم الحيوانات البحرية ، لأنّها تتغذّى على نباتات صغيرة جدّاً تنبت في البحر وتوجد بكثرة هائلة تقدّر بملايين البليارات ، وهي المصدر الغذائي لهذه الحيوانات البحرية ، وتنمو هذه النباتات الصغيرة في البحر بتأثير الضوء (أشعة الشمس) التي تتحرك بين الأمواج.
وبهذا فإنّ النجم أنواع من النباتات الصغيرة الزاحفة (مثل اليقطين والخيار وأمثاله). أمّا الشجر فإنّه النوع الآخر من النباتات التي لها سيقان وتشمل أشجار الفاكهة ونباتات الغلّات وغير ذلك.
وتعبير يسجدان إشارة إلى التسليم والخضوع أمام القدرة الإلهية وقوانين الخلقة والإبداع الإلهي لأجل نفع الإنسان. وهنا إشارة إلى الأسرار التوحيدية أيضاً حيث توجد في كل ورقة وكل بذرة آيات عجيبة من عظمة وقدرة الله سبحانه.