(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَنْ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (١٣)
السماء رفعها ووضع الميزان : في الآية مورد البحث يتحدث سبحانه عن النعمة السادسة ، ألا وهي نعمة خلق السماء حيث يقول : (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا).
(السماء) في هذه الآية سواء كانت بمعنى جهة العلو ، أو الكواكب السماوية ، أو جو الأرض ... إنّ كل واحدة من هذه المعاني هبة عظيمة ونعمة لا مثيل لها ، وبدونها تستحيل الحياة أو تصبح ناقصة.
إنّ النور الذي يمنحنا الدفء والحرارة والهداية والحياة والحركة يأتينا من السماء وكذلك الأمطار ، والوحي أيضاً ، (وبذلك فإنّ للسماء مفهوماً عاماً ، مادياً ومعنوياً).
ثم يستعرض سبحانه النعمة السابعة حيث يقول تعالى : (وَوَضَعَ الْمِيزَانَ).
«الميزان : كل وسيلة تستعمل للقياس ، سواء كان قياس الحق من الباطل ، أو العدل من الظلم والجور ، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الاجتماعية المختلفة.
و (الميزان) يشمل كذلك كل نظام تكويني ودستور اجتماعي ، لأنّه وسيلة لقياس جميع الأشياء.
ونستنتج من الآية اللاحقة استنتاجاً رائعاً حول هذا الموضوع حيث يضيف بقوله تعالى : (أَلَّا تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ).
يا له من تعبير رائع حيث يعتبر القوانين الحاكمة في هذا العالم الكبير منسجمة مع القوانين الحاكمة على حياة الإنسان (العالم الصغير) وبالتالي ينقلنا إلى حقيقة التوحيد ، حيث مصدر جميع القوانين والموازين الحاكمة على العالم هي واحدة في جميع المفردات وفي كل مكان.
ويؤكّد مرّة اخرى على مسألة العدالة والوزن حيث يقول سبحانه : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ).