سبحانه : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
واستمراراً لهذا الحديث يقول عزوجل : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
«اللؤلؤ : فهو حبّة شفافة ثمينة تنمو في داخل الصدف في أعماق البحار ، وكلّما كبر حجمها زاد ثمنها ؛ والمرجان : فهو كائن حي يشبه الغصن الصغير للشجرة ، وينشأ في أعماق البحار ، وكان العلماء يتصورون لفترة زمنية أنّ هذه الشجرة نوع من أنواع النباتات ، إلّا أنّه اتّضح فيما بعد أنّه نوع من الحيوانات. وأفضل أنواع المرجان الذي يستعمل للزينة هو المرجان ذو اللون الأحمر ، وكلّما كان إحمراره أشدّ كانت قيمته أغلى وأثمن.
واستمراراً لهذا القسم من النعم الإلهية يشير سبحانه إلى موضوع (السفن) التي هي في الحقيقة أكبر وأهمّ وسيلة لنقل البشر وحمل الأمتعة في الماضي والحاضر ، حيث يقول سبحانه : (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَاتُ فِى الْبَحْرِ كَالْأَعْلمِ).
والظريف هنا أنّه في الوقت الذي يعبّر عن السفن بأنها منشآت والتي تحكي أنّها مصنوعة بواسطة الإنسان ، يقول سبحانه (وله) أي لله تعالى وهو إشارة إلى أنّ جميع الخواص التي يستفاد منها في صناعة السفن ، والتي منحها الله للبشر المخترعين لهذه الصناعة هي لله ، وكذلك فإنّه هو الذي أعطى خاصية السيولة لمياه البحر والقوة للرياح ، وأنّ الله تعالى هو الذي أوجد هذه الخواص في المواد المتعلّقة بالسفينة.
«أعلام : جمع (علم) على وزن (قلم) ، بمعنى (جبل) بالرغم من أنّها في الأصل بمعنى (علامة وأثر) والذي يخبر عن شيء معين ، ولأنّ الجبال تكون واضحة من بُعد فإنّه يعبّر عنها ب (العلم) كما أنّ لفظة (عَلَمَ) تطلق أيضاً على الراية.
ومرّة اخرى يكرّر سبحانه هذا السؤال العميق المغزى بقوله تعالى : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٨) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (٣٠)
كل شيء هالك إلّاوجهه : استمراراً لشرح النعم الإلهية ، في هذه الآيات يضيف سبحانه قوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ). وهنا يتساءل كيف يكون الفناء نعمة إلهية؟