«معشر : في الأصل من عشر مأخوذ من عدد عشرة ، ولأنّ العدد عشرة عدد كامل ، فإنّ مصطلح (معشر) يقال : للمجموعة المتكاملة والتي تتكوّن من أصناف وطوائف مختلفة.
أقطار : جمع قُطْر بمعنى أطراف الشيء.
«تنفذوا : من مادة نفوذ ، وهي في الأصل بمعنى خرق وعبور من شيء.
والتعبير (من أقطار) إشارة إلى شقّ السماوات وتجاوزها إلى خارجها.
إنّ الآية أعلاه تتحدث عن الهروب والفرار من يد العدالة الإلهية الذي يفكّر به العاصون في ذلك اليوم.
في مجمع البيان : روى مسعدة بن صدقة عن كليب قال : كنا عند أبي عبدالله عليهالسلام ، فأنشأ يحدثنا فقال : إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد ، وذلك أنّه يوحي إلى السماء الدنيا أن اهبطي بمن فيك ، فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس والملائكة. ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين ، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فيصير الجن والإنس في سبع سرادقات من الملائكة ثم ينادي مناد : (يَا مَعْشَرَ الْجِنّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) الآية. فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبع أطواق من الملائكة.
ويخاطب سبحانه هاتين المجموعتين (الجن والإنس) بقوله : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
والتهديد هنا لطف إلهي أيضاً ، فالبرغم من أنّه يحمل تهديداً ظاهرياً ، إلّاأنّه عامل للتنبيه والإصلاح والتربية ، حيث إنّ وجود المحاسبة في كل نظام هو نعمة كبيرة.
وما ورد في الآية اللاحقة تأكيد لما تقدّم ذكره في الآيات السابقة ، والذي يتعلق بعدم قدرة الجن والإنس من الفرار من يد العدالة الإلهية ، حيث يقول سبحانه : (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ).
«شواظ : بمعنى (الشعلة العديمة الدخان). إنّ هذا التعبير يشير إلى شدة حرارة النار.
ونحاس : بمعنى الدخان أو (الشعل ذات اللون الأحمر مصحوبة بالدخان) ، لأنّها تتحدث عن موجود يحيط بالإنسان في يوم القيامة ويمنعه من الفرار من حكومة العدل الإلهي.
ثم يضيف سبحانه قوله : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).