وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
كما أنّ في بعض المحطّات يُسأل الإنسان وبدقة متناهية عن كافة أعماله.
ومرّة اخرى يخاطب سبحانه عباده ، حيث يقول : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
نعم ، إنّه لا يسأل حيث (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ).
ثم يضيف سبحانه : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِى وَالْأَقْدَامِ).
«النواصي : جمع ناصية وفي الأصل بمعنى الشعر وما يكون بمقدمة الرأس ، من مادة (نصأ) وتعني الإتصال والإرتباط ، وأخذ بناصيته بمعنى أخذه من شعره الذي في مقدمة رأسه ، كما تأتي أحياناً كناية عن الغلبة الكاملة على الشيء.
والمعنى الحقيقي للآية المباركة هو أنّ الملائكة تأخذ المجرمين في يوم القيامة من نواصيهم وأرجلهم ، ويرفعونهم من الأرض بمنتهى الذلة ويلقونهم في جهنم ، أو أنّه كناية عن منتهى ضعف المجرمين وعجزهم أمام ملائكة الرحمن ، حيث يقذفونهم في نار جهنم بذلة تامة.
ومرّة اخرى يضيف سبحانه : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ). لأنّ التذكير بيوم القيامة هو لطف منه تعالى.
ثم يقول سبحانه : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى يُكَذّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ).
ويضيف سبحانه في وصف جهنم وعذابها المؤلم الشديد حيث يقول : (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍءَانٍ).
«آن وآني هنا بمعنى الماء المغلي وفي منتهى الحرارة والإحراق.
فإنّ المجرمين يحترقون وسط هذا اللهيب الحارق لنار جهنم ، ويظمأون ويستغيثون للحصول على ماء يروي ظمأهم ، حيث يعطى لهم ماء مغلي (أو يصبّ عليهم) مما يزيد ويضاعف عذابهم المؤلم.
ويستفاد من بعض الآيات القرآنية أنّ (عين حميم) الحارقة تكون بجنب جهنم ، ويلقى فيها من يستحق عذابها ثم في النار يسجرون. قال تعالى : (يُسْحَبُونَ * فِى الْحَمِيمِ ثُمَّ فِى النَّارِ يُسْجَرُونَ) (١).
__________________
(١) سورة يس / ٦٥.