وفي الآية اللاحقة ينتقل البحث إلى فاكهة هاتين الجنّتين حيث يقول سبحانه : (فِيهِمَا مِن كُلّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ).
ثم يضيف سبحانه قوله : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
لقد طرحت في الآيات السابقة ثلاث صفات لهاتين الجنّتين ، وتستعرض الآية التالية الصفة الرابعة حيث يقول تعالى : (مُتَّكِينَ عَلَى فُرُش بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ).
وهذا التعبير يدلّل على الهدوء الكامل والإستقرار التامّ لدى أهل الجنة.
إنّ أثمن قماش يتصور في هذه الدنيا يكون بطانة لتلك الفرش ، إشارة إلى أنّ القسم الظاهر لا يمكننا وصفه من حيث الجمال والجاذبية.
وأخيراً ، وفي خامس نعمة يشير سبحانه إلى كيفية هذه النعم العظيمة ، حيث يقول : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ). جنى : على وزن (بقى) وتعني الفاكهة التي نضج قطفها ؛ ودان في الأصل (داني) بمعنى قريب.
ومرّة اخرى يخاطب الجميع سبحانه بقوله تعالى : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
(فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (٦١)
الجنة والزوجات الحسان : في الآيات السابقة ذكرت خمسة أقسام من هبات وخصوصيات الجنتين ، وهنا نتطرّق لذكر النعمة السادسة وهي الزوجات الطاهرات ، حيث يقول سبحانه : (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ). قد قصرن طرفهنّ على أزواجهن ، ولم يردن غيرهم. ثم يضيف تعالى : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) (١).
في تفسير مجمع البيان : قال أبو ذرّ : إنّها تقول لزوجها : وعزة ربّي ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك فالحمد لله الذي جعلني زوجتك ، وجعلك زوجي.
«طرف : على وزن (حرف) بمعنى جانب العين ، وبما أنّ الإنسان عندما يريد النظر يحرّك
__________________
(١) يطمثهنّ : من مادة طمث ، في الأصل بمعنى دم الدورة الشهرية ، وجاءت بمعنى زوال البكارة ؛ والمراد هنا أنّ النساء الباكرات في الجنة لم يكن لهنّ أزواج قطّ.