أجفانه ، لذا فقد استعمل هذا اللفظ كناية عن النظر ، وبناءً على هذا فإنّ التعبير بقاصرات الطرف إشارة إلى النساء اللواتي يقصرن طرفهن على أزواجهن ، ويعني أنّهن يكننّ الحبّ والودّ لأزواجهن فقط ، وهذه هي إحدى ميزات الزوجة التي لا تفكّر بغير زوجها ولا تضمر لسواه الودّ.
وفي التعقيب على نعمة الجنة هذه يكرّر قوله تعالى : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
ثم يتطرق إلى المزيد من وصف الزوجات الموجودات في الجنة ، حيث يقول : (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ).
ومرّة اخرى ، وبعد ذكر هذه النعمة يقول سبحانه : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
وفي نهاية هذا البحث يقول عزوجل : (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).
وهل ينتظر أن يجازى من عمل عملاً صالحاً في الدنيا بغير الإحسان الإلهي؟
يقول الراغب في المفردات : الإحسان فوق العدل ، وذاك أنّ العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله ، والإحسان أن يعطي أكثر ممّا عليه ويأخذ أقلّ مما له فالإحسان زائد على العدل ..
ويتكرّر قوله سبحانه مرّة اخرى : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
وذلك لأنّ جزاء الإحسان بالإحسان نعمة كبيرة من قبل الله تعالى ، حيث يؤكّد سبحانه أنّ جزاءه مقابل أعمال عباده مناسب لكرمه ولطفه وليس لأعمالهم ، مضافاً إلى أنّ طاعاتهم وعباداتهم إنّما هي بتوفيق الله ولطفه ، وبركاتها تعود عليهم.
(وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٣) مُدْهَامَّتَانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٥) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (٦٩)
جنتان بأوصاف عجيبة : بعد بيان صفات جنتي الخائفين وخصوصياتهما المتميزة ، واستمراراً للبحث ينتقل الحديث في الآيات التالية عن جنتين بمرتبة أدنى من السابقتين يكونان لأشخاص أقلّ خوفاً وإيماناً بالله تعالى من الفئة الاولى ، حيث إنّ هدف العرض هو بيان سلسلة درجات ومراتب للجنان تتناسب مع الإيمان والعمل الصالح للأفراد.
يقول سبحانه في البداية : (وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ).