«عبقري : في الأصل بمعنى كل موجود قلّ نظيره.
وحسان : جمع حسن على وزن نسب بمعنى جيّد ولطيف.
فإنّ هذه التعابير حاكية جميعاً عن أنّ كل موجودات الجنة لا نظير له ولا شبيه في نوعه.
وللمرّة الأخيرة وهي (الحادية والثلاثون) يسأل سبحانه جميع مخلوقاته من الجن والإنس هذا السؤال : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ).
هل النعم المعنوية؟ أم النعم الماديّة؟ أم نعم هذا العالم؟ أم الموجودة في الجنة؟ إنّ كل هذه النعم شملت وجودكم وغمرتكم ... إلّاأنّه ـ مع الأسف ـ قد أنساكم غروركم وغفلتكم هذه الألطاف العظيمة ، ومصدر عطائها وهو الله سبحانه الذي أنتم بحاجة مستمرّة إلى نعمه في الحاضر والمستقبل ... فأيّاً منها تنكرون وتكذّبون؟
ويختم السورة سبحانه بهذه الآية الكريمة : (تَبَارَكَ اسْمُ رَبّكَ ذِى الْجَللِ وَالْإِكْرَامِ).
«تبارك : من أصل (برك) بمعنى صدر البعير ، وذلك لأنّ الجمال حينما تبرك تضع صدرها على الأرض أوّلاً ، ومن هنا استعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والاستقامة ، لذا فإنّ كلمة (مبارك) تقال للموجودات الكثيرة الفائدة ، وأكرم من تطلق عليه هذه الكلمة هي الذات الإلهية المقدسة باعتبارها مصدراً لجميع الخيرات والبركات.
واستعملت هذه المفردة هنا لأنّ جميع النعم الإلهية ـ سواء كانت في الأرض والسماء في الدنيا والآخرة والكون والخلق ـ فهي من فيض الوجود الإلهي المبارك ، لذا فإنّ هذا التعبير من أنسب التعابير المذكورة في الآية لهذا المعنى.
والملفت للنظر هنا أنّ هذه السورة بدأت باسم الله (الرحمن) وانتهت باسم الله ذي الجلال والإكرام) وكلاهما ينسجمان مع مجموعة مواضيع السورة.
|
نهاية تفسير سورة الرحمن |
* * *